الجمعة، 24 يناير 2025

عبد الجليل معروف يصدر سلسلة لتكوين أساتذة العلوم

 

عبد الجليل معروف يصدر سلسلة لتكوين أساتذة العلوم

 

   اغتنت المكتبة التربوية الوطنية بإصدار موسوعي عبارة عن سلسلة من 11 جزء للتكوين في المجال الديداكتيكي والمهني لأساتذة/ات العلوم. وقد اختار المؤلف إصدار هذه السلسلة وعيا منه بأهمية تدريس العلوم في المدرسة المغربية وآثاره الإيجابية على تزويد المجتمع بأطر ذات تكوين علمي رصين. كما اعتبر أن التكوين يعد مدخلا رئيسا لتجويد العملية التعلمية من عدة زوايا أهمها الإسهام في نجاعة الإصلاحات في المدرسة المغربية والتي دخلت عقدها الثالث دون أن تظهر قطائع ذات أهمية على مستوى الأداء والدليل التقويمات الوطنية والدولية التي تشير إلى التدني المستمر لمؤشرات الجودة والأداء. وتجدر الإشارة أن الإصدار المنشور حديثا أتى في وقت فتحت فيها أوراش التجديد التربوي على مستوى مناهج السلك الثانوي بغرض إعادة النظر في المقررات الدراسية والكتب المدرسية مما سوف يفرض تغييرا في طرق تناول درس العلوم في الفصل الدراسي المستقبلي. وقد اختار المؤلف لسلسلته عنوان فرعيا موجها «نحو مقاربة ديداكتيكية جديدة» مما جعله يبتكر مسارا

جديدا لتناول القضايا المطروحة فيه وهو العارف بأسرار التكوين العلمي من عدة زوايا ووضعيات مهنية ومن مواقع مختلفة من المسؤولية. يتوزع المشروع على 11 جزء:

·      الأول: يتناول بناء العلوم انطلاقا من تصورات المتعلمين/ات ومعالجة الخطأ ضمن سيرورة التعلم؛

·      الثاني: يعالج التحولات المفهومية لدى المتعلمين/ات بناء على تدخلات تربوية ناجعة؛

·      الثالث: يبرز أهمية مفهوم النمذجة في تدريس العلوم وآثاره الإيجابية على التعلم والتدريس؛

·      الرابع: يتوقف عند مختلف المقاربات البيداغوجية وخاصة التعليم الصريح ونهج التقصي؛

·      الخامس: يستكشف مفهوم العقد الديداكتيكي وآثاره على عمليات بناء الدرس العلمي؛

·      السادس: يكشف أسرار آلية النقل الديداكتكي التي تمكن من تحويل المعرفة نحو الفصل الدراسي؛

·      السابع: يوضح أهمية التخطيط التربوي النسقي وانعكاساته على التعلمات الفعلية؛

·      الثامن: يبني مسارا موفقا مع تدبير التعلمات ويضع بين يدي المدرس/ة أدوات مهيكلة لفعل التعلم؛

·      التاسع: ينفتح على كيفيا ومناهج استعمال التكنولوجيا الجديدة في تعليم وتعلم العلوم؛

·      العاشر: يعالج موضوعة تكامل العلوم من أجل تآزر ابيستمولوجي قادر على تحسين التعلمات؛

·      الأخير: يقترح استراتيجيات مجددة في مجال تكوين أستاذ/ة العلوم لمواجهة واقع الممارسة اليومية.

  يبدو من خلال هذه العناوين أن ذ. عبد الجليل معروف قد اختار الإحاطة بمختلف القضايا التي شغلته كأستاذ مكون ثم كباحث في المجال، كما سمحت له ببسط مختلف المداخل التي سوف تساعد على تكوين أستاذ/ة العلوم بعُدة رصينة. وقد وظف في هذا المؤلف منهجيات ومناولات وتجارب وضعيات نابعة من الممارسة الصفية. كما استعان بموارد علمية تسير في اتجاه دعم التكوين الأساس للمدرس/ة عبر دراسة حالات أو استراتيجيات لتدبير التعلمات مع اقتراح حلول ومداخل مجربة في الميدان. وعلى مستوى البناء الهيكلي للدروس اقترحت السلسلة منهجيات مجربة في وضعيات مختلفة وبعدد متنوعة من أجل اختبارها وكشف قدرتها على رفع التحدي التكويني. ووعيا منه بصعوبة الورش فهو يقترح على طول هذه السلسلة الانخراط في رتابات ناجحة تشتغل كنماذج في وضعيات متشابهة توفر على المدرس/ة والمكون/ة جهد بناء وضعيات جديدة. كل ذلك من أجل تمكين المدرس/ة من آليات وأدوات نظرية وعملية قابلة للنقل والتقاسم الأفقي والعمودي. وقد كتبت السلسلة بأسلوب مرن أشبه بنقاش في ورشة للتكوين بعيدا عن لغة الأكاديمي المتعالية، كما عزز كل جزء من السلسلة بتمارين تطبيقية وملاحق وأشكال توضيحية وإنتاجات المتعلمين/ات. إن قراءة فاحصة لهذه الأجزاء توحي للمتتبع أن المؤلف اختار التحليق عاليا حول الموضوع الرئيس وفي كل جزء/مرحلة ينزل تدريجيا نحو الميدان حتى وصل إلى المحطة الأخيرة وسط الفصل الدراسي بكل حرارته وغليانه. يُذكر أن عبد الجليل معروف أستاذ للتعليم العالي ساهم في تكون أجيال من المدرسين/ات بالمدرسة العليا بمراكش، كما كان مديرا للمركز التربوي الجهوي بأسفي، وتقلد مسؤولية مديرية إقليمية. وساهم في عدة مشاريع وطنية ودولية وأطرعشرات الندوات والشراكات وأدار مجلة الطرس المتخصصة في العلوم والأبحاث.

المقال منشور على الرابط :

https://mehwarpresse.com/2025/01/23/%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d9%8a%d9%84-%d9%85%d8%b9%d8%b1%d9%88%d9%81-%d9%8a%d8%b5%d8%af%d8%b1-%d8%b3%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d9%83%d9%88%d9%8a%d9%86-%d8%a3%d8%b3%d8%a7/

تابع القراءة ←

الثلاثاء، 21 يناير 2025

كتابة الاسم الشخصي ورمزية الولادة الجديدة

 

كتابة الاسم الشخصي ورمزية الولادة الجديدة

عبد الرحيم الضاقية


    من اللحظات الفارقة في مسار تعلم الكتابة لحظة كتابة الاسم الشخصي والتي تعكس وضعية سفر الأنا نحو الخارج ورجوعها إلى مجال الإدراك الحسي في شكل رموز مخطوطة. وتبدو هذه التجربة من الناحية العملية عبارة عن تمرين كتابي تخطيطي عادي لدى مهنيي التربية سواء في أقسام التعليم الأولي أو لابتدائي لكن الدراسات تؤكد حمولاتها النفسية والوجدانية الكبيرة. وتتم بلورة هذه اللحظة من خلال المرور أولا من مرحلة التخطيط العشوائي الذي يطور لدى الطفل مهارات الإمساك بأداة الكتابة، واحترام حيز الكتابة كالورقة واللوحة وتنطلق الآلية برسم أشكال تحاكي الحروف كالخطوط الدائرية والمائلة أو المتموجة أولا بدون احترام المقاس ثم بعد ذلك بمقاس متجانس. وتحدث المفاجأة السارة في اليوم الذي يتمكن فيه الطفل من كتابة اسمه على ورقة ويحملها لأسرته. فبالنسبة له هي عبارة عن أشكال هندسية متراصة تمرًن عليها بمعية مُدرس/ته لمدة معينة، لكن بمجرد رؤيتها من طرف المحيط الأسري – إن كانوا غير أميين-  تتحول في أفواههم إلى أصوات تدل على اسمه الشخصي، هنا يحدث انتقال للذات من رموز إلى أصوات تعني المتعلم/ة بالذات. فتبدأ سيرورة التماهي مع هذه الحروف والأشكال خاصة إذا تم الاحتفاء بها من طرف الأم والأب بوضع الورقة في مكان خاص في غرفة الطفل أو مكان له قيمة اعتبارية. هذه الأحداث تحول الأشكال الهندسية التي تشكل اسم الطفل إلى منبهات بصرية تختزله وتجعله يرتبط بها مما يسهل على المدرس/ة عملية حفظها والتمكن منها من طرفه في ظرف وجيز حيث يتحول رسمها إلى عملية آلية. ويغتنم المدرس/ة هذه الفرصة لاستعمال مكونات الاسم الشخصي في الانفتاح على كلمات أخرى بتغيير ترتيب الكلمات أو الحذف أو الإضافة او التكرار مما يغني الرصيد ويوسع من التمكن في المهارة الكتابية للمتعلم/ة مثل اسم «هجر» الذي يمكن أن يستخرج منه كلمة «حجر» او «جمر» أو «هر». وعند تفكيك عناصر الوصول إلى هذه النتيجة أي إنتاج أشكال تختزل الأنا في طور التشكل نجد العملية تحتاج إلى تعبئة مجموعة من القدرات لتجاوز الصعوبات المتنوعة من قبيل:

التحكم في الأداة: تعد أداة الكتابة عقبة كأداء من حيث ترويضها لتنتج ما يدور في الذهن من أشكال منظمة وذات جمالية. وقد استعملت في المدرسة العصرية أقلام الرصاص في البداية لما لها من قدرة على التعامل مع أخطاء المتعلمين/ات بالصفح والتجاوز عبر المسح بالممحاة وإعادة المحاولة، وهي بهذا تخفض من الوصم الخطي والذنب الكتابي المصاحب له؛

·        الحامل المستعمل: قد يكون المسطح المستقبل لكتابة الاسم ورقا أو لوحا أو سبورة، وبدوره يشكل تحديا فضائيا للمتعلم/ة يتعين التحكم في مقاساته. فعندما يتعلق الأمر بالورق فإذا كانت به سطور من أي صنف كانت فإنها في البداية تشكل حواجز أمام طفل لا يتحكم في مقاسات الحروف وأحجامها، وإذا كانت بدون سطور فتتحول إلى مساحة مفتوحة بدون معالم مما ينتج عنه عدم تتابع الحروف مما يفقدها الدلالة المرجوة؛

·        القدرة على الاستمرارية: الكتابة هي عملية تركيب للحروف بشكل مسترسل وأي انقطاع أو فراغ يؤثر على المقروئية. هذه الخاصية تشكل لدى المتعلمين/ات الصغار صعوبة إضافية لعدم قدرتهم/ن على تمرير اليد وانزلاقها بسلاسة؛

·        التوجيه اليدوي: تعد اليد أداة الكتابة إلا أن التحكم فيها يدخل في ضمن عناصر النضج الفيزيولوجي والنفسي لأنها تترجم ما يدور في الدماغ على شكل رسوم وشامات.

      عند إنتاج هذه الوحدة الخطية المكونة من بضع حروف والتي تشكل الاسم الشخصي الذي يكتشفه الطفل مرسوما على عدد من أدواته الخاصة هنا تبدأ عملية التماهي النفسي والوجداني والتي تتعزز بالقدرة الكبيرة التي يشكلها المحيط في بناء هذه اللحمة اللاشعورية مع هذه الشكل الكتابي.هذا يجرنا إلى فتح أقواس في دلالات كتابة الاسم الشخصي من منظور الفلسفة والتحليل النفسي ومدى قدرة هذا الخط على كشف مكونات النفس البشرية سواء في المراحل الاولى لتعلم الكتابة أو حتى في مراحل الوعي. ولعل هذا المنحى مثير للاهتمام حيث يميط اللثام عن كيف يستدمج الفرد المعاني في كتابة اسمه دون وعي منه أحيانا، الذي يمثل بطريقة ما عنصرا أساسيا من مكونات هويته. لذلك يمكن أن يكون تحليل كتابة اسم المرء بوابة لفهم أفضل لنفسه. ففي مجال التحليل النفسي، غالبا ما يعتبر الاسم الشخصي رمزا للهوية الشخصية للفرد، المحملة بقيم رمزية وعاطفية تمثل هوية الأسرة والهوية الفردية الذاتية. فالطريقة التي يكتب بها الشخص أو يتلفظ اسمه يمكن أن تكشف عن مشاعره تجاه عائلته أو أصوله أو حتى كيانه. كما يرتبط الاسم الشخصي بالنزوع النرجسي حيث يرتبط ارتباطا وثيقا بنرجسية الفرد، لأنه الرمز الأول الذي يسمح له بالتعريف بنفسه لدى الآخرين. وقد أشار فرويد إلى عناصر النرجسية الأولية، والتي تتمثل في الحب الأول للذات، ويمكن التعبير عنه بالطريقة التي يكتب بها الشخص اسمه أو القيمة التي يمنحها له. ويمكن أن نكتشف كذلك علاقة الاسم الشخصي بالوعي الجمعي فغالبا ما يكون إرثا مرتبطا بالفرد وبتاريخ اسرته أو عشيرته الكبرى. فيمكن أن يكون هذا الإرث ثقيلا في بعض الأحيان وحاملا لمعاني كامنة ويعكس الرغبات أو التوقعات أو الصدمات التي تنتقل من جيل لجيل. ويمكن الوقوف في المجتمعات الأبوية على تسجيل الاسم الشخصي الممنوح للابن في إطار نسب متوارث بين ذكور العائلة، بل إن أخذ اسم الأب أو الجد له دلالات عميقة تحيل على فشل الأنثى في «ابتلاع» ذكر القبيلة أو العشيرة. وبهذا المعنى، فإن العلاقة التي يحافظ عليها الشخص بكتابة اسمه يمكن أن تكشف عن صراعات أو مخاوف تتعلق بهذا التراث العائلي. فنجد مثلا أسماء ايدر أو يحيى مرتبطة بوفيات الأطفال في عائلة معينة كما نجد بعض الأسماء تحمل احتفاء بمناسبات دينية او لها علاقة بالأنشطة الاقتصادية الممارسة من قبيل بوشتى – ميلود – بوجمعة – تودا. ويعتبر ديريدا كتابة الاسم الشخصي هو كتابة لاسم الإله ويؤشر على تجسيد لإرادة ربانية جعلت الروح تسري في جسد يحمل اسمه تيمنا به واعترافا بقدرته، لذا فكتابة الاسم هو استثناء من الموت والزوال واحتفاء بالحياة. ويعتبر فعل كتابة الاسم الشخصي انعكاسا لشخصية الفرد فيمكن تحليل ذلك من خلال دراسة الخطوط في إطار التحليل النفسي، حيث يمكن الوقوف على الخيارات الشكلية، وحجم الحروف، والضغط الذي يمارس على الورق، ويمكن أن يفصح عن صورة الشخص عن ذاته. كما يمكن أن يعكس الاسم المكتوب بأحرف كبيرة ثقة معينة وعلى الوفرة، في حين أن الاسم المكتوب بأحرف صغيرة يمكن أن يعكس شكلا من أشكال الانسحاب أو الخجل. ويعكس شكل كتابة الاسم الشخصي مسألة الرغبة فحسب لاكان، غالبا ما يتم التعبير عن الرغبة اللاواعية بشكل غير مباشر، ويمكن أن يكون الاسم الشخصي أحد وسائل التعبير عنها. فيمكن أن تكشف الطريقة التي يكتب بها المرء أو يستخدم اسمه عن الرغبات الخفية، خاصة تلك المتعلقة بالحزم أو الاعتراف أو حتى البحث عن الاختلاف عن الآخرين. ولكتابة الاسم الشخصي تبعات تؤشر على أنه عبارة عن توقيع أو إشهاد، فكم من شخص يوجد وراء القضبان لأنه كتب اسمه الشخصي بيده على وثيقة رسمية أو إبرائية، كما أن توقيعا واحدا يمكن أن يرفع الشخص إلى مصاف علية المجتمع بتقلده مسؤولية كبيرة أو حصوله على منصب مرموق. فمن خلال تحليل هذه الجوانب وغيرها، يمكن اكتشاف الديناميات النفسية والعلائقية التي تكشف عن العلاقات المعقدة بين الفرد وهويته وتاريخه الشخصي في علاقة وطيدة مع الحروف التي يتشكل منها اسمه الشخصي.

 

مقالة منشورة بجريدة الأخبار اليومية – عدد 3685 -  بتاريخ 21 يناير 2025

 




تابع القراءة ←

الخميس، 19 ديسمبر 2024

“عبد الرحيم الضاقية” الأستاذ والمفتش والباحث والإنسان - بقلم عبدالغني لزرك- البير الجديد - إقليم الجديدة

 



“عبد الرحيم الضاقية:  الأستاذ والمفتش والباحث والإنسان”.
 – عبد الرحيم الضاقية الأستاذ والمفتش.
حصل الأستاذ عبد الرحيم الضاقية على شهادة البكالوريا تخصص آداب عصرية سنة 1978م بمدينة مراكش،  وتابع دراسته الجامعية بكلية الآداب بفاس تخصص تاريخ ، وحصل على الإجازة سنة 1982م، وفي 5نونبر 1982م دخل مجندا في إطار الخدمة المدنية بإعدادية تالوين بتارودانت، وفي 16شتنبر 1984م عين أستاذا للسلك الأول بثانوية ولي العهد تالوين بتارودانت، وفي 16شتنبر 1987م اشتغل أستاذا بثانوية بئر أنزران تحناوت – الحوز.
دخل الأستاذ عبد الرحيم الضاقية لمركز تكوين مفتشي التعليم بالرباط سنة 1996م كطالب مفتش وحصل في يونيو 1998م على دبلوم مفتش التعليم الثانوي بعدما حصل على المرتبة الأولى في امتحان التخرج من المركز. عين في شتنبر 1998م مفتشا بمديرية ورزازات وزاكورة، انتقل بعد ذلك  سنة 2006م للاشتغال في مديرية أسفي، وكلف عدة سنوات مفتشا في مديرية اليوسفية، قبل عودته لمديرية مراكش في السنوات القليلة الماضية إلى حين وصوله سن التقاعد.
– عبد الرحيم الضاقية الباحث.
ساهم الأستاذ والمفتش والباحث عبد الرحيم الضاقية بشكل كبير في تنفيذ مخرجات الإصلاح التربوي والتعليمي الذي عرفته المنظومة التعليمية منذ عقود بدء من الميثاق الوطني للتربية والتعليم ، والتعليم بالكفايات من خلال إنتاجاته وتآليفه ، بل الانكباب على تطوير ممارسة نماء المدرس/ة داخل الفصل الدراسي، ووضع خطة جديدة (جذاذة الدرس) لتخطيط درس مواد الاجتماعيات، يكون ميسرا وسهل التنفيذ مع جماعة القسم ويكون المدرس/ة بمثابة منشطا  داخل حجرة الدرس  مع جماعة الفصل ومساعدتها على بناء التعلمات وتنويع الأثر المكتوب. مع الحرص على تقسيم السبورة إلى أربعة أجزاء ، جزء خاص بعناوين الأنشطة وجزء للأثر المكتوب والآخر للمصطلحات والمفاهيم والأعلام والأخير للشرح والدعامات ، وقد كان الباحث عبد الرحيم الضاقية سباقا لهذا الأمر منذ سنة 2003م، حيث نشر مقالات ورقية والكترونية  ومقابلات تلفزية وعبر أثير  الإذاعة ومداخلات في عدة ندوات ولقاءات… للتعريف  أكثر بالرؤية الجديدة ، رؤية التعليم بالكفايات المنبتقة  عن الميثاق الوطني والوثيقة الإطار.
في سنة 2006م أنتج الباحث كتابا قيما حول تخطيط درس الاجتماعيات في المراحل الثلاث ( الإبتدائي – الإعدادي – الثانوي)، وقد عرف هذا المؤلف انتشارا واسعا في كل أنحاء البلاد، واستفاد منه مدرسي ومدرسات مواد الاجتماعيات في الأسلاك الثلاث خاصة في الشق الديداكتيكي، بعد ذلك أصدر الباحث عشرات المؤلفات التي أتتت المشهد التربوي والتعليمي. وحتى لاننس أن الباحث قد كتب كتابين قبل هذا ، الأول سنة 2002م وقد عنونه ب “الجودة في التعليم والتكوين” ، ثم ” التدريس بالمجزوءات ” سنة 2003م.
و ” مكونات الفعل التربوي ( تلميذ – مدرس – معرفة)” سنة 2006م، و ” أدوات عمل المدرس(ة) مساهمة في تمهين فعل التعليم والتعلم ” سنة 2009م. ثم ” المدرسة المغربية وسؤال التواصل ” سنة 2009م،  و ” الحياة المدرسية : من تدبير الزمن إلى التربية على المشروع ” سنة 2010م، ثم ” مسارات إصلاح المدرسة دراسة مفاهيمية نقدية” سنة 2015م، و ” درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ” سنة 2017م، و “المقاربة المجزوءاتية في التدريس” سنة 2018م، و ” كفايات المدرس/ة المهنية مقاربات تطويرية لمهنة التدريس” سنة 2021م.
بالإضافة إلى العشرات من المقالات الورقية في جرائد ومجلات،  كالاتحاد الاشتراكي، المنظمة، الأحداث المغربية، الصباح، الجريدة التربوية، صدى التضامن ، مجلة علوم التربية، المجلة التربوية…، والالكترونية في مواقع أخبار بلادي كوم ، تربية بريس، المراكشية، محلية التربية والتعليم، كلام – كوم ، منار توداي، ريتاج بريس، فضاءات تانسيفت…
– عبد الرحيم الضاقية : الإنسان.
عرف عن المفتش التربوي عبد الرحيم الضاقية  تفانيه في العمل ومثابرته وجديته وتضحيته وتواصله المستمر مع مدرسي ومدرسات مواد الاجتماعيات في السلكين الثانوي الاعدادي والثانوي التأهيلي، لم يبخل بمعلوماته وتوجيهاته ونصائحه عن أحد، ظل بابه مفتوحا في وجه الكل، وقد ساهم رفقة فريقه التربوي بمديرية أسفي في الاشتغال على مشروع المهارات الحياتية وقد حقق الفريق نتائج جد إيجابية، اشتغل معه عدة أساتذة مرشدين ، استفادوا من تجربته المهنية، وقد نقلوا ذلك للأساتذة خاصة الجدد بمدريات أسفي، اليوسفية، مراكش. انتشرت تجربته في تخطيط درس الاجتماعيات في كل مناطق المغرب، من خلال وضع جذاذة سهلة التنفيذ داخل الفصل الدراسي ، مكونة من خمس مراحل : الوضعيات، الدعامات، التدبير الديداكتيكي، الاستنتاجات، المفاهيم والمصطلحات والأعلام.
ساهم بشكل فعال في تطوير الفعل التربوي التعليمي داخل الفصل الدراسي من خلال إشرافه والقيام بورشات وعقد ندوات لفائدة أساتذة وأستاذات المادة، والمساهمة بعدة مداخلات في منابر إعلامية مختلفة. وقد ظل الرجل مناضلا وعفيفا ومحافظا على القيم والمبادئ الكبرى للرسالة التعليمية، بل طموحا لواقع تعليمي خال من المطبات. نقل هموم المدرسين والمدرسات ومايعانونه داخل الفصل الدراسي،  عبر لقاءات  تلفزيونية وأثير إذاعات خاصة، لم يتوال لحظة في تقديم مساعدة وعون للآخر سواء عبر البريد الإلكتروني أو عبر الهاتف أو عبر تطبيق شبكة الواتساب. قلبه فياض للخير والمحبة ، حينما يدخل للفصل يوصيك بنفسك وبالمتعلم/ة، حمل هم الرسالة التربوية والتعليمية لسنوات طوال، كان تواقا للتغيير والإصلاح الجذري والفعال.
عبد الرحيم الضاقية نموذج للمربي الشريف والمفتش التربوي الناجح.
تابع القراءة ←

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024

النشاط الكتابي في المدرسة: العوائق والأفق

 

النشاط الكتابي في المدرسة: العوائق والأفق

 

يقف المدرسون/ات في كل استحقاق تقويمي أو امتحاني على تدني مستوى المنتوج الكتابي للمتعلمين/ات على مستوى جميع الأسلاك. وقد استمر هذا الانحدار عقودا من الزمن حيث حمل المكتوب المدرسي معه آثار أعطاب المنظومة وفشل الإصلاحات التي لم تستطع ولوج الفصل. وشكلت فترة الجائحة ضربة قاضية لما تبقى من مؤشرات صحية لتوقُف عمليات الإنتاج الكتابي المُوجه من طرف المدرسين/ات، ففقد جل المتعلمين/ات أبسط مبادئ تحرير جمل مترابطة سليمة وذات معنى.

تروم هذه الورقة الاشتغال على هذه التيمة من زاوية التشخيص والتشريح، ثم من باب فتح أفق أهمية المكتوب المدرسي على تكوين مواطن/ة متفاعل/ة.

·        المكتوب ضمن الوضعيات الصفية:

    من الصعب الوقوف على مختلف الوضعيات وفي الكثير من الفضاءات لأن الأمر فيه متغيرات كثيرة لذا سوف نعتمد مؤشرات بحثية ودراسات اهتمت بالموضوع بشكل مباشر أو غير مباشر. الملاحظ أن هناك تراجع كبير لأنشطة الكتابة في المدرسة وتعويضها بأنشطة أخرى غير مُلتهمة للوقت والجهد. وقد نتج عن ذلك تراجع إيقاع تكرار وضعيات الكتابة التي تحولت في الكثير من الأحيان إلى أنشطة مفككة تستعمل تقنيات ملأ الفراغ، والتخلي عن الصياغة الفعلية من قبيل تمرين تركيب الجمل الذي انقرض من الفصول الدراسية. كما عزز هذا المنحى تحول طرق التقويم من تمارين تركيبية إلى أسئلة مفتتة من قبيل الاختيار من متعدد أو إعادة الصياغة بمتغير الكلمة أو الجملة بدل الفقرة والتحرير المسترسل. ووقفت الدراسات كذلك على معطى متعلق بالمناهج الدراسية التي أصبحت مكتظة بالعديد من المكونات من قبيل «التربية على...» الشيء الذي حولها إلى شبه سلعة جاهزة للنقل والتوصيل السريع في زحمة إجراءات تقنية تتبنى الطرق «النشيطة» التي تراهن على التخلص من الدروس بتدوينها على دفاتر النصوص أو المذكرات اليومية. وتحولت الوضعيات التعلمية إلى عمليات منزوعة السياق لا يتم التوقف عندها شفهيا وتفاعليا ثم فهما من أجل ايقاظ الوعي وبناء الموقف الذي يمكن أن يُترجم في ردود أفعال يُمكن استثمارها في نشاط كتابي على شكل تلخيص أو تقرير أو تركيب أو فقط أخذ نقط. لم يطل الاكتظاظ المناهج والمقررات بل اجتاح الأقسام الدراسية التي أصبحت أحجامها غير مُسعفة في تفعيل طرق تُذكي الفهم والتأمل ثم رد الفعل في ظروف سليمة. ولم يعد المدرسون قادرون على التدريب على الكتابة عبر المراحل التي كان متعارف عليها في السابق. هؤلاء المدرسون/ات طالتهم كذلك سرعة الإنجاز في التكوين البيداغوجي التي تحول من عدة سنوات إلى بضع أشهر مما خلف أعطابا كبرى على مستوى التعامل مع الوضعيات التعليمية التحصيلية ومنها الاشتغال على إنتاج المكتوب. هذه الوضعية العامة خلقت مدرسة بسرعات متعددة وبمناهج مختلفة ما بين الخصوصي والعمومي وداخل نفس المجال. وبالنتيجة أسفر بحث ميداني أجري في عينة ممثلة من تلاميذ/ات السنة السادسة ابتدائي بالمغرب إلى أن التمرين الكتابي يشكل صعوبة بالنسبة ل 73 % لمجموع العينة المدروسة مما يشكل عقبة أمام تطوير ملكة الكتابة لديهم في المستقبل. ووقفت دراسة أخرى في الإعدادي على ضعف كبير في الإنتاج الكتابي بحيث شملت عينة البحث 100 ورقة تحرير صادف خلالها المصحح 812 خطأ أي بمعدل 8 أخطاء لكل ورقة وتوزعت بين أخطاء إملائية بنسبة 51 % وأخطاء تعبيرية بنسبة 36 % مما يؤشر على حجم الفوارق التي نحن بصددها سواء في الابتدائي أو الثانوي.

 

·        أهمية المكتوب في نماء قدرات المتعلم/ة:

    لن يحجب عنا الواقع الذي وقفت عليه الدراسات الميدانية أهمية التمرين الكتابي على مستوى الفصل الدراسي وكذا على وضعيته ضمن المنهاج الدراسي. فالكتابة هي عملية تحويل أفكار إلى حروف وجمل وعبارات تحمل إلى الجميع ما يفكر فيه المتعلم/ة بوصفها ليست فقط عبارة عن عرض للجمل وتسويد للأوراق، بل هي منح معنى لما يكتبه المتعلم/ة من خلال استراتيجيات الشرح أو التحليل أو الوصف. فالكتابة بهذا المعنى تثبيت للأفكار التي تكون في أصلها تداعيات ومشاعر بدون معنى لتحولها الكتابة إلى معارف ناقلة لقيم مجتمعية أو كونية. كما أن كتابة هذا النص الذي يحمل تلك القيم هو عبارة عن دعامة تواصلية في محفل تلقي بمواصفات معينة، هذا اللقاء بين الأفكار يولد تطويرا للفكر النقدي الذي يعطي مكانا للرأي الآخر وينصت لما عبر عنه حيال المكتوب مما يحُد من الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة. فالكتابة حضور وتعبير عن هوية خاصة وأخرى جماعية واستكشاف لعوالم ذاتية وغيرية، إنها إبداع لعالم داخلي قادر على التعبير عن نفسه بلغة يختارها دون قيد أو شرط (Auvergne et al., 2012, p15). واليوم فثقافة المكتوب تكتسب قدرات جديدة مع انفجار المعرفة ودخول الذكاء الاصطناعي إلى محفل المعرفة والتواصل، لأنها تعطي القدرة على الانتقال من مجرد تلقي المعلومة عبر الوسائط المختلفة إلى القدرة على رد الفعل الكتابي والتعليق عليها، وتحليلها والتعبير عن الرأي بصددها، بل ونقضها وكشف زيفها على نفس المنصة وبنفس المواصفات. ولعل الاحتفاء بالمكتوب المدرسي وإعطاءه القيمة التي يستحق يمكن التعبير عنه بجانب من التربية على الوسائط Education aux médias   التي بدأت بعض المنظومات التربوية تدخلها تدريجيا ضمن مناهجها عن طريق دمجها في وضعيات موجودة أصلا كتحليل النصوص أو التعليق عليها. ومن المداخل الرئيسة لهذا المنحى تشجيع الكتابة الإبداعية الخاصة بالمتعلمين/ات من المستويات التي تقدر على إنتاجها والتي يمكن الاشتغال عليها في بدءا من السنتين الخامسة السادسة ابتدائي حتى نهاية المسار الدراسي المدرسي الجامعي. وتروم هذه الكتابة التعبير الحر والتدرب على التعامل مع النصوص الأخرى بشكل محايث من خلال التلخيص والتعليق وانتاج هوامش أو المحاكاة من أجل إنتاج نصوص يعتبرها المتعلم/ة خاصة به. ومن التقنيات المستعملة كذلك الاحتكاك مع كبار الكتاب والمبدعين/ات من أجل اكتشاف طرقهم/ن في الكتابة وتعاملهم مع أجناس الوصف والتفسير والحجاج لاكتساب بعض من دروسهم الكامنة في النص. وتوصي الأبحاث في هذا المجال بضرورة عدم الاقتصار ضمن هذا التمرين على اللغات والفلسفة بل يتعين توسيع ملكة الكتابة الحرة إلى مواضيع علمية وتقنية من قبيل البيئة والسكان والاقتصاد والإحصاء وعلوم الحياة والأرض والطاقة من أجل التعبير عن الرأي وعدم الخضوع لحتمية الأرقام التي تخفي الحقائق أكثر من إظهارها. فالكتابة تعبر عن التنوع وتحارب البعد الواحد في التفكير مما يؤشر على طابعها الإنساني المتميز بالتفكير المتعدد الأبعاد والمرجعيات. فعندما يكتب تلميذ جملة أو فقرة فهو يختار كلمات معينة وبنية خطابية وأسلوبا يعبر عنه وعن شخصيته ودرجة وعيه بالموضوع. وهذا التمرين يختلف اختلافا جذريا عن كتابة أرقام متفرقة أو كلمات متفرقة في خانات أو جداول معدة سلفا بواسطة المدرس/ة أو برنامج معلوماتي، وهو التمرين السائد اليوم في الكثير من الفصول الدراسية تحت يافطات السرعة وتحقيق المهارات والفعالية التربوية المفترى عليها.

عبد الرحيم الضاقية - كاتب وباحث في التربية والتكوين

 


جريدة الأخبار - العدد  3628  بتاريخ 12 نونبر 2024

 


تابع القراءة ←

السبت، 19 أكتوبر 2024

دفتر المتعلم/ة بين الوظيفية والرمزية في محفل التعلم

 







دفتر المتعلم/ة بين الوظيفية والرمزيةفي محفل التعلم

بمناسبة كل دخول مدرسي تندلع حروب الدفاتر والكتب المدرسية في كل شرائح المجتمع، بين أولياء الأمور والوزارة الوصية حول الخصاص أو الأثمان أو ثقل المحفظة وكلها ظواهر تعكر صفو الدخول المدرسي الذي من المفترض فيه أن يكون احتفاء بالمعرفة والتربية والأخلاق الفاضلة بدل المناوشات السياسية والاقتصادية التي تعصف بما تبقى من منسوب الثقة في المؤسسة التعليمية. ويعتبر دفتر المتعلم/ة حافظة شبه شاملة لمجريات أحداث الحصص الدراسية، وتقريرا يوميا عن وقائع فردية وجماعية تم تدوينها بشكل فردي من طرف المتعلم/ة وبتوجيه من المدرس/ة. لذا نجد المتعلم/ة يربط به علاقة حميمية تخفي أسرارا وتفاصيل متوارية في الذاكرة. وباستعمال آليات التشريح الدقيق لبعض مكونات المدرسة التي لا يهتم بتفاصيلها جل المشتغلين/ات بالميدان يمكن التساؤل عن علاقة الدفتر بصاحبه حين يمنحه هويات متعددة أثناء اشتغاله اليومي الذي يمتد رسميا على مدى السنة الدراسية بأسابيعها الثلاثين.

فالمتعلم/ة يعتبر الدفتر من صنع عقله ويده ويتعامل معه بهويات متعددة كلها تصب في أهداف محددة. فهو عبارة أن أداة تم تطويرها إلى أن تحولت إلى وسيلة عمل لها وظائف متطورة في الزمان والمكان ثم إنها تتحول مع الزمن إلى صنيعة فنية وجمالية تعطي مؤشرات على الكاتب من حيث ذوقه واختياراته ودرجة اهتمامه بها. وفي هذه الورقة المختصرة سوف نوضح بعضا من هذه الهويات التي يلبسها الدفتر في سبيل الكشف عن بعض الصعوبات التي يمكن تجاوزها في إطار بدايات الموسم الدراسي.

·        الدفتر الأداة: عندما يحصل المتعلم/ة على حزمة دفاتر في بداية كل موسم دراسي فهي تكون عبارة عن أشياء Artefacts   مكونة من كومة أوراق مجموعة بلصاق أو سلك ومغلفة بورق مقوى أو بلاستيك لا يحمل الواحد منها أي مؤشر على وظيفته أو ميزته وهو غير خاضع لأي مراقبة مجتمعية. فالتحول يحصل عندما يرتبط هذا الشيء بوضعية يعطيها له السياق التعلمي عبر مجموعة من الأحداث القرارات من قبيل تدخل المدرس/ة من أجل تخصيص دفتر للدروس وآخر للتمارين والثالث للإعداد القبلي، أو تقسيم دفتر واحد إلى قسمين بناء على اختلاف المواد الدراسية. فيأخذ هنا الدفتر هوية معينة وقد يميز بلون غلاف أو عنوان بالبنط الغليظ ليتحول إلى أداة لها مهمة ضمن فضاء الفصل الدراسي أو خارجه. فيمكن أن يصبح وثيقة تستقبل دروسا وملخصات وتركيب يتعين العودة إليها في المنزل من أجل إنجاز التمارين في دفتر آخر بهندسة أخرى وتنظيم مختلف عن الأول. هنا يتحول الدفتر إلى أداة لترجمة إرادة المدرس/ة في وضع تصور خاص به عبر تحويله إلى تعبير نفسي عن نظام من أنماط الاستعمال. فعندما يطوف المدرس/ة على الصفوف او يقوم بمراقبة الدفاتر يحس بأن العديد من تمثلاثه وتصوراته عن دروس أو أنشطة أو تمارين قد وجدت طريقها إلى الوجود عبر دفاتر المتعلمين/ات التي تترجم إرادته بشكل متفاوت. مما يجعل الدفتر-الأداة يشتغل بمنطق ثلاثي متداخل يتكون من الدفتر/ الأداة في تفاعل مع الموضوع/ المادة الدراسية بتوجيه وإرادة من الذات/ أنا المتعلم/ة.

 

·        الدفتر وسيلة عمل: يوجد الدفتر بناء على هذه الخطاطة في موقع وسط افتراضي بين الأنا والموضوع المراد دراسته لذا يتحول الدفتر من مجرد أداة إلى وسيلة عندما تتحدد المهام المختلفة التي يمكن أن تكون من نصيب المتعلم/ة كحرَفي مُتمرن يتلقى توجيهات من مدرس/ة متمكن من مهمته. فيتحول الدفتر إلى ورشة مشتركة تتفاعل فيها الإرادات المختلفة حيث يمكن الوقوف على مستويات التناص والتعالق الذي يربطه مع الكتاب المدرسي مثلا الذي يعد تنزيلا للمنهاج بكل حمولاته القيمية والاجتماعية وخياراته التربوية. كما نجد أن طرق الاشتغال تختلف ما بين مادة دراسية وأخرى فبعضها تعتمد الدفتر كذاكرة حية تلتقط كل التفاصيل المدرجة في الدرس، وبعضها الآخر تتخذ منه وسيلة للتطبيق والتجريب ومقاربة المواضيع المختلفة، وبعضها الآخر يجعل من الدفتر وسيلة لاستكشاف موضوع الدرس في أفق البناء النهائي خلال الحصة... وكلها وضعيات تستوجب تموضع معين وطرق مختلفة للمقاربة والهيكلة؛

·        الدفتر التحفة œuvre : وقفنا على تحول أول للدفتر من مجرد شيء أو سلعة إلى أداة عمل لها وظيفة محددة، سوف نقف الآن عند تحوله إلى تحفة فنية. فبمجرد أن يضع عليه المتعلم/ة اسمه أو عنوانا أو شكلا مميزا عبر نمط معين أو لون أو تشكيل أو لون غلاف مما يدل على استراتيجية تفريدية إرادية يتحول هذا الدفتر إلى صنيعة شخصية ترتسم عليها سمات ذاتية فريدة (Blochs,2009,p85). ومن عناصر اكتمال ميزة الدفتر-التحفة وجود عناصر منها: المبدع/ة وهو المتعلم/ة في الدرجة الأولى، وقد يتدخل في بعض الأحيان المدرس/ة من أجل التوجيه والتحسين دون المساس بالاختيارات الذاتية الخاصة. كما ان المتعلم/ة يحرص على انبعاث جمالية معينة من طريقة كتابة العناوين أو التسطير أو تدبير الفضاء مما يسمو بهذا الدفتر من مجرد وظيفة إلى بعث رسائل جمالية توحي بالفرد الذي يختفي وراء هذه الاختيارات. ويتعين الإشارة إلى أن التحفة تعكس الأسلوب Style الذي يعد ترجمة لرؤية معينة تحمل في طياتها ممارسة تعكس نظرة الفاعل في سياق زمني ومكاني، قد تعكس أزمته أو فرحه أو مروره من فترة حرجة من حياته (المراهقة – ضغط الامتحانات – فشل...).

هذا التحليل وغيره يفضي بنا إلى اعتبار الدفتر عينة حقيقية لمنظومة تربوية متعددة المداخل فمجرد فتح دفتر يتبدى أمامنا نوع المنهاج وطريقة العمل وأوليات العمل الصفي وطرق التناول ومستويات المراقبة والتقويم التي يخضع لها. والواقع يشيء بأنه رغم عشريات الإصلاح وترساناتها الوثائقية من الميثاق إلى الرؤية، إلى المقاربة، إلى النموذج، فخارطة الطريق ثم مئات التكوينات والمنتديات العملاقة التي تعطى فيها الكلمة للعارفين وغير العارفين وبل وحتى للمهرجين.. كلها لم تستطع تجاوز دفتي دفتر المتعلم/ة لتفعل فيه فعلها. فعند فتح دفتر بشكل عشوائي يمكن الوقوف على التشوهات التي تعرفها المعرفة المدرسية، والبناء العشوائي الذي يطال الدروس والأعطاب التي تلم بالمقاربات والقواعد، ولم تسلم حتى الحروف والأرقام والجمل والكلمات من هذه الأمراض المعدية التي انتشرت على طول وعرض الصفحات القليلة التي عرفت تسويد أوراقها أما أغلبها فيبقى خارج الاستعمال ليبقى فارغا بفعل البثور والانقطاعات التي تعرفها المدرسة لسبب أو لآخر.

عبدالرحيم الضاقية

كاتب وياحث في التربية والتكوين

 

 

تابع القراءة ←

الجمعة، 29 يوليو 2022

مراكش : الإدريسي يقارب الأحداث والأزمنة في الخطاب القرآني ضمن أطروحة دكتوراه

 


مراكش : الإدريسي يقارب الأحداث والأزمنة في الخطاب القرآني ضمن  أطروحة دكتوراه

عبد الرحيم الضاقية

احتضنت كلية اللغة العربية بمراكش يوم 22 يولوز 2022 مناقشة أطروحة دكتوراه تقدم بها الطالب الباحث ي نور الدين الإدرييسي تحت إشراف الدكتورة فاطمة السلامي . وقد استغرق البحث فيها  خمس سنوات من البحث المتواصل في موضوع متميز يهم الزمن والحدث في اللغة العربية . وقد امتاز عمل الباحث بالرصانة والتتبع الفاحص لعدد كبير من المصادر والمضان سواء منها التراثية أو المحدثة ، كما انفتح الباحث على النص المقارن من لغات أجنبية أخرى وقد ساعده في ذلك الانفتاح على التكنولوجيا للحصول على مراده .  استهلت جلسة المناقشة بتقديم الباحث لأطروحته من حيث مكونتها ومراحل إنجازها ، ثم إعطيت الكلمة للجنة المناقشة التي تكونت من الدكاترة: عبد العزيز بوضاض رئيسًا، وسعيد العوادي  ومحمد وحيدي وعطاء الله الأزمي أعضاءً.وبعد المداولة قررت اللجنة بحضور السيد عميد الكلية منح الطالب الباحث مولاي نورالدين الادريسي درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، مع تنويه من اللجنة وتوصية بالطبع.

وتعنى أطروحة الموسومة بـ:" بناء الأحداث والأزمنة في الخطاب القرآني"، بدراسة النسق الزمني في اللغة العربية بصفة عامة، وفي القرآن الكريم بصفة خاصة، وذلك وفق مسارين تحليليين متكاملين: مسار أول يدعم تنوعَ طبيعة الزمن في اللغة العربية، وانبناء تأويله على تفاعل المقولات الزمنية (الزمن tense، والجهة aspect ، والوجه mood)، ومسار ثان يدرس بناء الأحداث، ويحلل المؤشرات الصرفية والنحوية الدالة على إفرادها أو جمعها.

وقد  قسم الباحث أطروحته  إلى أربعة فصول؛ هي:

·        الفصل 1: دلالة الجهة والزمن والوجه في اللغة العربية ؛

·        الفصل 2: التأويلات الزمنية لبعض أنماط الجمل العربية؛

·        الفصل 3: الأسوار والظروف وبناء الأحداث في العربية؛

·        الفصل 4: تعـدد الحـــــــــــــــــدث في العربية .

ومن الناحية المنهجية  عمد الباحث  إلى مقاربة بناء الأحداث والأزمنة مقاربة لسانية، واعتماد منظور مقارن بين الظواهر الزمنية والحدثية في العربية والإنجليزية، فرصد غنى النسق الزمني العربي وأهمية الدراسات اللسانية الحديثة في وصف المعطيات الزمنية والحدثية في العربية والمساعدة على تمثلها تمثلا أفضل، إضافة إلى تعميق فهم بناء الأحداث والأزمنة في الخطاب القرآني، ورصد بلاغة الاختيارات القرآنية للبنى الزمنية وصور تعدد الحدث، وخصوصياتها الاستعمالية والدلالية.ويذكر أن أجواء المناقشة مرت في ظروف علمية راقية سيطرت عليها القيمة المضافة  العالية التي قدمتها الأطروحة في مجال تخصصها وكذا مجالات أخرى محايثة . وقد تجلى ذلك في الملاحظات المقدمة من طرف  اللجنة التي وقف بعض أعضائها في مستوى الوصف والمراوحة  نظرا لأن الأطروحة تميزت بالأصالة والتمحيص وقوة الحجة الموثقة ضمن مرجعيات عربية وأجنبية ذات قيمة اعتبارية . ويبدو أن الأستاذة المشرفة هي التي وقفت عن كتب عند قيمة الأطروحة حيث  صرحت في أعقاب المناقشة بأن البحث العلمي في هذا المجال يتعين عليه انتظار أربعين سنة للعثور على مثل هذا الباحث المثابر والمستقصي . وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور ي نور الدين الإدريسي من الباحثين القلائل الذين يتميزون بالإصرار العلمي والإنتاج المتميز في أمكنة وأزمنة هادئة معرفيا ومنهجيا فيضل منعزلا في أزمن وأمكنة ظليلة يخوض معاركه الضارية مع الفعل – والجملة – والمضارع – والأمر – والحدث... تماما كما كان يفعل المتصوفة . فهو الباحث الذي لا تقنعه قرينة أو قرينتين بل لا يغمض له جفن حتى يطوف على جميع المراجع والمصادر التي تعالج نفس الأمر ويقارعها واحدة بواحدة  كل ذلك في صمت وتواضع جميل .لقد كانت هذه المناقشة مناسبة لحضور نوعي من زملاء الباحث في البحث وأساتذة/ات ومفتشون تربويون كما حضرت فعاليات تربوية وأسرة الباحث بكل تلقائية لكي تعبر للدكتور نور الدين على المحبة التي تكنها له إنسانا راقيا ذو أخلاق عالية ، وباحثا ورجل تربية بامتياز .



https://www.wamnews.ma/2022/07/28/%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%83%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%af%d8%b1%d9%8a%d8%b3%d9%8a-%d9%8a%d9%82%d8%a7%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d8%af%d8%a7%d8%ab-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b2%d9%85%d9%86/





https://www.kechpresse.com/20846-2/

تابع القراءة ←
;