الثلاثاء، 3 يونيو 2025

درس التصحيح ردم للهوة بين انجاز المتعلم/ة ومعيار الصواب

 

درس التصحيح ردم للهوة بين انجاز المتعلم/ة ومعيار الصواب

 

إلى عهد قريب كانت حصة التصحيح جزء لا يتجزأ من مختلف الأنشطة الممارسة ضمن الفصل الدراسي، حيت يعد التصحيح لحظة موالية لعمليات التقويم. ولعل حصص التصحيح تكون مناسبة للتعلم من الخطأ الذاتي المتسرب من المعرفة أو المنهجية التي تم بها تقديم الدروس مما يتيح إمكانيات العودة والتأكد من سلامة المسار. وقد تلاشت هذه الممارسة بفعل عدة عوامل حتى أصبحت منعدمة في بعض المواد الدراسية مما أثر سلبا على المكتسب النهائي للمتعلمين/ات. وقد جاءت مقاربة التدريس الصريح لتحييه عبر إدماجه في هندسة الدرس من خلال لحظات التغذية الراجعة التي تروم عودة المتعلمين/ات في مناسبات متعددة لتفسير منطق تفكيرهم/ن ومواكبتهم/ن في تعديل إجاباتهم/ن ومساعدتهم على رد الفعل من أجل التقويم الذاتي المكون. ويمكن أن تدخل عمليات التصحيح في إطار الممارسة الموجهة وكذا في إطار الممارسة المستقلة التي تدخل ضمن مكونات الدرس.

1 ـ أنواع التصحيح: تختلف أنواع التصحيح باختلاف الرؤية والشكل والإيقاع والأداة، كما تختلف الغايات منه اعتمادا على مرجعيته ومعاييره الداخلية والخارجية.

يتم على مستويين : مستوى المتعلم/ة ، وعلى مستوى المدرس/ة الذي يقوم به مباشرة بعد انتهاء إنجاز النشاط التقويمي أو التعلمي .

التصحيح الفردي

يحيل على النشاط الشائع في الفصول الدراسية حيث تقوم مجموعة القسم بإنجاز تصحيح جماعي بتوجيه من الأستاذ/ة.

التصحيح الجماعي

يتم هذا الشكل من التصحيح بشكل فردي أو جماعي حيث تتم معالجة أوراق التحرير بالتناوب بين أساتذة مادة دراسية بالتعاقب أو بالتزامن .

التصحيح بالتناوب

تنفذ عملية التصحيح سواء الفردي أو الجماعي اعتمادا على المواد المكونة للاختبار حسب المواد أو المكونات فقد يصحح أستاذ مادة الهندسة وآخر مادة الحساب.

التصحيح المتخصص

يحصل عبر تكليف التلاميذ/ات بالقيام بمقارنة عناصر الإجابة مع الأجوبة التي توصلوا إليها مما يتيح لهم فرصة التعديل الذاتي للأجوبة عن طريق التصويب او الإزاحة.

 

التصحيح الذاتي  

 2 ـ أهداف التصحيح: تختلف الأهداف حسب الرؤيا التي وضعها المدرس/ة وتتوزع بين:

·          التشخيص: يهدف التصحيح الوقوف على فحص الوضعية الآنية لمكتسبات المتعلمين/ات ويساعد على معرفة مكامن القوة والصعوبات التي تعتري التعلمات خلال فترة محددة؛

·         التفييئ: يسهم التصحيح في تقسيم مجموعة القسم إلى فئات أثناء تعاملها مع وضعية تصحيح الفرض أو التمرين سواء جماعيا أو فرديا انطلاقا من الوضعية الاختبارية-المرجع؛

·         التقويم Redressement : يحيل التقويم هنا على معنى التعديل والتصحيح أي تغيير مسار معين أو تعديل نموذج  او منهجية ؛

·        ـ التصحيح الذاتي المكون: يمكن التصحيح الذاتي من الرجوع إلى ورقة التحرير أو إلى دفتر الإنجازات من خلال مقارنة الأجوبة الذاتية مع عناصر الإجابة الصحيحة مما يسهم في إعادة بناء التعلمات وفهمها أكثر. وقد سادت في فترات قديمة آليات التصحيح بقلم الرصاص أو بقلم أخضر في نفس مكان وقوع الخطأ مما يساهم في تقريب الهوة بين الإنجاز الذاتي ومعيار الصحيح الذي ينيه المتعلم/ة بشكل شخصي. وتساعده هذه الآلية في كشف مسار ارتكاب الخطا لكي يتم تجنبه في المناسبة القادمة.

3 ـ من أجل تصحيح داعم لمسار ناجح:

ü    التصحيح عملية تواصلية بين المصحح/ة والمتعلم/ة حول مسار مسلوك من طرفهما معا فالأول وضع الاختبار أو التمرين كآلية تقويمية والثاني أجابه بحسب قدراته وكفاياته. وفي جوابه أكد له المصحح/ة صحة المسلك أو عدمه، ثم تأتي مرحلة التصحيح الجماعي كلحظة مكاشفة بينهما في إطار تربوي يستثمر في المستقبل إذن فالعملية برمتها هي إعادة رسم لمسار وليس محطة للوصول؛

ü    التصحيح ليس عرض للأجوبة الصحيحة وكتابتها على السبورة أو على دعامات أخرى دون التفكير الجماعي في نوع المسارات التي يتعين إتباعها أثناء التعامل مع نفس الوضعيات. فالتصحيح الجماعي مناسبة لكشف التعثرات السائدة وسوء الفهم المتسرب سواء من الدروس نفسها أو من الدعامات أو طريقة التهيؤ للامتحان أو شكل ونوع الامتحان.

ü    لا يمكن إجراء التصحيح دون العودة إلى الوضعية الاختبارية لبسط مكوناتها وطرح الخلفية المتحكمة فيها والقدرات والمهارات التي تقيسها. ثم الانتباه إلى توزيع سلم التنقيط وضرورة تدريب التلاميذ/ات على التعامل النفعي معه في علاقة مع الزمن المخصص لكل تمرين؛

ü    من غير المستساغ إجراء التصحيح الجماعي دون تصحيح أوراق التحرير لمعرفة نوع العقبات التي اعترضت التلاميذ/ات وكذا مواطن قوة مجموعة دون أخرى لكي تكون النظرة متكاملة على اتجاهات الدعم والمعالجة المقترحة بعد التقويم التي يتم اقتراحه وفق المستوى المناسب للمتعلم/ة؛

ü     لبناء حصة للتصحيح بمواصفات تستهدف التعثرات، يستحسن أن يتم التركيز على عنصرين أو ثلاث من خلال ترددها في أوراق التحرير. وتكون حصة التصحيح موجهة في نسبة كبيرة منها لمعالجة هذه التعثرات سواء بإعطاء أمثلة ونماذج من أوراق التحرير أو تمكين التلاميذ/ات من إعادة بناء التعلمات على أساس التوجيهات واستثمار الخطأ.

ü    الوقوف مليا على منطوق الأسئلة والتعليمات داخل الوضعية الاختبارية، لأن الكثير من الأخطاء تأتي من عدم فهمها أو معرفة المطلوب.

ü    على مستوى الآثار المتبقية من التصحيح، لابد من التأكيد على الدور الأساسي للسبورة في هذا الباب فالسبورة أداة تواصلية عامة تخاطب الجماعة، وتمكن الفرد من فتح حوار ذاتي معها كي يستدمج التغيير الحاصل بين الخطأ والصواب ويضع فواصل ذهنية بينهما، ومن تم يوجه الخطاب لذاته كي يحصل الفهم. أما على مستوى التصحيح على ورقة التحرير هناك عدة خيارات منها كتابة تصحيحات أخرى منفصلة على دفاتر وكراسات يتم استثمارها كوثائق مرجعية مساعدة على الفهم خاصة في المواد العلمية التي تشتهر بالتمارين التطبيقية وسلاسل الإنجاز. لكن التجربة تبين أن التصحيحات التي تدون على ورقة التحرير تعد نوعا من التصحيح الذاتي وإعادة قراءة تعيد التلميذ/ة إلى موقع الخطأ مكانيا وذهنيا مما يكون له أثر على آلية العود وكشف المطبات وردم الهوة، لأن الخطأ أو سوء الفهم يتعين أن يزال ليس فقط من الورقة بل من ذهن المتعلم/ة وتمثلاته.

منشور في جريدة ألأخبار العدد   3797 ليوم 3 ماي 2025 



;