عنـوان المساهمة:
من أجــــــل درس نقـــدي ومفاهيمــي في سيــاق متحــول:
درس الاجتماعيات: من التخطيـــــط إلى التنفيـــــــذ
ذ: مولاي عبد الحكيم الزاوي
باحث في سلك الدكتوراه
جامعة القاضي عياض/ مراكش/ المغرب
Hakim-zaoui10@hotmail.com
ملخص:
تتشوف هذه الورقة بسط بعض العناصر الكبرى في منجز مفتش مادة الاجتماعيات الأستاذ عبد الرحيم الضاقية، الموسوم بعنوان "درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ"، متوسلة بخطاطة نقدية ومفاهيمية تنقل درس الاجتماعيات من حياة درس إلى درس للحياة؛ بما هو انشغال ديداكتيكي وابستمولوجي راهني يروم تجويد أحد مداخل الفعل التعليمي التعلمي.
This article aims at making a synthetic reading in the final chapter of the education inspector of history and geography course, professor. Abderrahim Dakia entitled: "History and Geography course, from Planning to Execution" with the help of a critical and conceptual diagram that transfers the history and geography course from a life's course to a course of life, in a dedactical and epistemological present work that leads to optimaziting one of the introductions of education and formation system in Morocco.
المفاهيم: درس الاجتماعيات- المفهمة- الأشكلة- النقد- الديداكتيك- الابستمولوجيا.
مدخل أولي:
التفكير في بناء درس الاجتماعيات برحاب المدرسة المغربية ضمن سياقات اجتماعية وتربوية وسياسية شديدة التحول والانفلات؛ مُتمردة على كل أشكال الوصايات المعرفية الكلاسيكية؛ مُنفلتة من كل الايقاعات البيداغوجية الرتيبة...يغدو راهنا انشغالا معرفيا يطرح اشتباكا عميقا مع عدة مكونات متداخلة في ما بينها، مع المادة المعرفية أولا، من حيث مواكبة انشغالاتها الابستمولوجية الحادثة في مستويات جامعية أجنبية وعربية قريبة؛ وثانيا من حيث المُدرس وضرورة تكوينه الدائم والمستدام لتجويد أحد مداخل المنظومة التربوية ؛ ومن حيث المُتعلم وضرورة تفكيك دينامية محيطه السوسيوثقافي والذهني ثالثا...لمادة قُدر لها أن تقود قاطرة بناء منظومة القيم الانسانية، ومدخلا نحو صناعة الفرد المتصالح مع ذاته ومجاله، الآمل في التسلح بأدوات مفاهيمية ونقدية قد تساعده في تحديد أزمة المعنى وسبر خبايا هذا الواقع المعقد ، في فهم هذا العقل الإنساني الذي أصبح مُفرطا في انغلاقيته وكليانيته، في استيعاب هذا المشهد الإنساني الغارق في ظلاميته ودوغمائيته .
فتح نقاش حول درس الاجتماعيات في سياق مدرسة تتجاذبها رهانات قوية مرتبطة بتوغل قيم العولمة النيوليبرالية ، هو في الواقع مغامرة ابستمولوجية حقيقية، محفوفة بمزالق كبرى؛ مدرسة اليوم صارت تمتح من عمق الفكرة "الداروينية"، الفكرة تلك التي تجعل البقاء للمتوحش؛ مدرسة المعدلات العالية والعلامات المرتفعة، التي تضمن الولوج بانسيابية سريعة نحو المعاهد الكبرى ، بينما ترمي ب"الفاشلين" نحو غياهب الضياع والنسيان .
لا تزال المقولة التي صاغها عراب السوسيولوجيا الفرنسية بيير بورديو "حرب الأغنياء على الفقراء تبدأ من المدرسة " في جانب كبير منها ناضحة بالمعنى...تلميذ مدرسة البعثات يمتلك زمام اللغة والمعرفة، يدرس الماركتينغ وقطاع الأبناك والعقار والتأمين...ما سماه صاحب القوات الاديولوجية المسلحة ب "علوم النهب" les sciences de chasse، في مقابل علوم "تخماست" التي يتلقاها تلميذ الآداب والعلوم الإنسانية...
الطفل المغربي يتعرض إلى كراش نفسي crash psychologique، إلى عملية تفتيت وعزل عن الحلم والوجود، يستدخل منذ البداية عقلية ونفسية الخَمَّاس الذي يجب أن يتقاتل من أجل معركة البقاء...المدرسة تمارس دورا خطيرا في سياسة العزل الاجتماعي والنفسي والوجودي. فحينما لا تتوفر نفس نقط الانطلاق، تتمايز المسارات بالضرورة؛ من يملك القطاعات الاستراتيجية ليس من هو يلعب على إعادة إنتاج دور الخماس .
عودة إلى درس الاجتماعيات، ثمة أسئلة كثيرة تعتمل ضمن خارطة انشغالاته داخل المدرسة المغربية؛ بما هو درس قادر على تفكيك وهدم كرنوزوفيات التفكير المُغلق، وإعادة بناء سردية جديدة ومتجددة لأسئلة الإنسان والانسانية في عالم متحول، في لحظية تربوية تتسم بطغيان الهشاشة والتسطيح، تجعل من هذا الدرس بروافده الثلاث يسير بدون بوصلة فاقدا للمعنى، مُرتكنا في أقبية الظلام، أوَ ليس انغلاق المعرفة يقود بالضرورة نحو انغلاق الواقع بتوصيف إدغار موران ؟
هل لا يزال درس الاجتماعيات قادرا على إنتاج المعنى بالنسبة للإنسان المعاصر بالمعنى الفلسفي؟ هل يستطيع أن يُحصن المُتعلم من خطابات توثين العقل ونعيمية العولمة الاستهلاكية والحداثة المادية والثورة التقنية؟ هل قُدر للمدرسة المعاصرة في زمن الميديا الحديثة أن تخون العقل الأنواري، وتنزلق في تشعبات الحداثة من إنسية مفرطة وديكتاتوريات شمولية وحروب عالمية ونزوعات استعمارية ؟
لربما في زمن الانهيار الناسف للمعنى، تغدو الحاجة ملحة لإعادة بلورة مفهوم درس الاجتماعيات، للإجابة عن سؤال المعنى المفقود في النظام العام الأشياء بالمعنى الأنتربولوجي، برؤية إنسية جديدة قادرة على إنقاد المُتعلم من العزلة والتعاسة ومظاهر الإحباط، من كل أشكال الإقصاء التي يتعرض لها في جل مؤسساته الاجتماعية.
هل أصبح خطاب المادة يحمل أدوات الإقناع في ذاته، يحمل صلابة في بنائه؟ هل درس الاجتماعيات قادر عن الإجابة عن اشكالات تقع في خط التماس مع مباحث نظرية قريبة، عن جنون العقل، عن سؤال المعنى والوجود، عن فوضى الحواس وتنميط الذوق، عن الإنسان ذو البعد الواحد بتوصيف هربرت ماركوز ؟
هل يستطيع سَدنة المادة وحواريوها على الأقل أن يناضلوا من قلب أدوات اشتغالهم في كسر تمثلات وأقانيم رافقت وسترافق المُتعلمين عن المادة في المدرسة وحتى الجامعة ومنهما إلى المجتمع؟ هل فقد آل الزمن والمجال عصا قيادة العلوم الاجتماعية، منسحبين من معركة رهان القوة لفائدة تلك القراءات العُصابية المتصلبة؟
أن نتقاسم جميعا هَم التفكير في مادة معرفية مُتموجة ضمن سياقات اجتماعية وسياسية فارقة يصير قلقا ابستمولوجيا وديداكتيكيا، وانشغالا أنطولوجيا يفرضه واقع الحال والمآل، ضمن لحظية زمانية مطبوعة بتراجيديات حضارية وإنسانية صعبة، استطاعت أن تقضم مكتسبات وإواليات ناضل من أجلها جيل الرواد، وتخلى عنها طوعا أو كرها جيل المُدرسين الجدد، فهل يعيش درس الاجتماعيات اليوم زمن الردَّة الابستمولوجية والديداكتيكية؟ هل حان الوقت لفتح نقاش عميق حول مشهد تربوي يشهد الجميع على دراميته في إنتاج اللامعنى والفوضى الخلاقة؟
قد لا يعتبر الأمر حكم قيمة يغالي في تعميد الأحكام، بقدر ما يتعلق الأمر بمُعاينة امبريقية تمتح من عمق الواقع وهواجسه، لعله زمن النكوص كما يسميه سيغموند بومان، حيث لم يعد الانتساب إلى المادة شرف وحظوة معرفية، مقابل جاذبية مباحث وتخصصات اقتصاد السوق والماركتينغ المعرفي
1- هندسة الكتاب:
كتاب درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ للباحث التربوي عبد الرحيم الضاقية، الصادر سنة 2017م، عن مؤسسة آفاق للنشر بمراكش، في حوالي 278 صفحة، عبارة عن سفر افتراضي في رحاب حياة درس الاجتماعيات من الابتدائي نحو الثانوي؛ تفكير مُعمق ورصين في ممارسة بيداغوجية، تطرح علامات فارقة في التساؤل والبحث، تستقي مادتها من عمق المراجعات المنهاجية والابستمولوجية، مثلما هو سفر واقعي وميداني، يجر وراءه سنوات مديدة من تراكم المعاينة والتجريب، في وضعيات وسياقات متنوعة ومغايرة، تتخذ عملية ذهاب وإياب va et vien في الإحاطة بمداخل الممارسة الصفية، عبر فتح نقاش مثمر وفاعل بين جل المتدخلين بشأن بنية خطاب مادة الاجتماعيات، ونقل هواجسها الديداكتيكية من البحث في المتن المعرفي، نحو البحث في بنية الخطاب الديداكتيكي، وهو في اعتقادي ورش لا يزال جنينيا في منجزنا الديداكتيكي.
الكتاب عبارة عن وثيقة تجريبية، بلغة تقنية ميدانية تتقمس ( من القاموس) مضمونها من عمق المراجعات الحادثة في منهاج المادة وتوجيهاتها التربوية، بنوع لا تخلو من مواكبة معاصرة لمتون ومضان البحث الديداكتيكي بالجامعات الغربية، وتراكمات البحت الديداكتيكي بالمغرب، مما يضفي عليه لمسة خاصة، قد تسهم في عملية الاخصاب الديداكتيكي لدرس الاجتماعيات بمداخله الثلاث، كما قد تساهم في عملية توليد متجددة من نظريات وفرضيات ومفاهيم واشكالات بحثية وطرائق جديدة.
يقف قارئ المتن الديداكتيكي حول مادة الاجتماعيات عند تراكمات نظرية وتجريبية هشة من خارج الوثائق الرسمية التي تعنى بها، قد لا ترقى إلى مستوى الانتظارات، ولعلَّ مرد ذلك قد يعزى إلى نظام الفصل المؤسساتي القائم بين كليات الآداب والعلوم الانسانية وبين وكلية علوم التربية، وكذلك من حيث غياب المواكبة النقدية من طرف الممارسين في الميدان للإنتاجات الديداكتيكية المغربية وحتى الأجنبية، بسبب كليشيهات مُضمرة أحيانا وواضحة في أحايين أخرى، ومن جهة ثالثة بجنينية البحث الديداكتيكي والتربوي بالمغرب.
2- مضامين الكتاب:
يبتغي كتاب درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ محاولة إقامة مصالحة بين العُدة الوثائقية ذات الحمولة المعرفية القوية، وبين الممارسة الديداكتيكية ذات الشحن المعرفي، وهي مصالحة تروم إعادة الاعتبار للممارسة الفصلية، بما هي سفر من حياة درس إلى درس قابل للحياة، قابل للتكيف مع مختلف الوضعيات الديداكتيكية، مُتكيف مع متغيرات الفصل الدراسي، ومجتمع تتعدد وسائطه وحوامله المعرفية.
يتطلب هذا المنحى تحويل درس الاجتماعيات من رهان للقوة إلى قوة الرهان، من استشعار بمسؤولية درس الاجتماعيات في تكوين ذاتية المتعلم، وتعزيز ذاكرته الفردية والجماعية، ووعي بأهمية المجال وقيم المواطنة في تحصين الذات الانسانية من غلواء التطرف والدوغمائية والتفكير المُعلب...درس يدور في فلك الكفايات الحياتية للمتعلم.
تكمن قوة الكتاب في صلابته النظرية، إن على المستوى المنهجي من خلال مواكبة النقاشات الأكاديمية التي تدور حول تدريس التاريخ والجغرافيا والتربية على المواطنة؛ أو على المستوى المعرفي عبر تجديد زوايا الرؤية، والنظر إلى المادة من وضعيات ديداكتيكية متعددة، باعتماد منطق التجريب والنمذجة، وأيضا في طابعه الإجرائي من خلال اقتفاء أثر الوضعيات التعليمية عبر مختلف مراحلها ( الإعداد/ الانطلاق/ الأنشطة/ التقويم)، بشكل يتناغم ويتساوق مع فرضية التأسيس العملي للاشتغال بالمفاهيم، كمَعالم لبناء معرفة مندمجة، يؤسس لممارسة تقويمية تتغاضى عن الكم المعرفي والشحن العقيم...كل هذه العمليات تتم في المدار الذي لا يجعل المُدرس قادرا على ممارسة ثنائية التفكيك وإعادة البناء ضمن وضعيات حقيقية ومُجربة.
يجعل الكتاب تفعيل هذا الإجراء الديداكتيكي مستندا في تنفيذه على مبدأ الفاعلية perfectionnisme، من منطلق أن اللحظة التربوية تتسم بالتداخل والتركيب، تمزج بين ثلاث مكونات فاعلة ضمن المثلث الديداكتيكي، ضمن فضاء وزمن مُحددين بشبكة استعمال زمن؛ فعملية التدريس بمقتضى المراجعات الابستمولوجية، وبمنطوق ووثائق الإصلاح البيداغوجي التي صارت تنظر إلى الفعل التعلمي التعليمي ليس موهبة يمكن ارتجالها ميكانيكيا كما كانت في السابق، بله عملية متداخلة مندمجة معقدة، تفرض التسلح بآليات استباقية ديداكتيكية وتربوية مهنية لأداء الأمانة، تمنح للتعلمات معنى وقيمة في ذاته ولذاته، ضمن بيئة حاضنة للمفارقات وحبلى بالتشابكات .
يُقدم مبحث التنفيذ جملة ملاحظات عن نماذج تركيبية عن السيناريو التنفيذي، انطلاقا من زوايا متعددة ومركبة ومختلفة، تبدأ بصناعة التمهيد، وعملية تركيب التعلمات أو بناء الخلاصات، عبر الاشتغال بمنطق الوضعيات التي تمتح من مرجعية الكفايات: وضعية الانطلاق، وضعية النشاط، وضعية التقويم، إضافة إلى وضعية الإعداد القبلي.
يتضمن مبحث التنفيذ تدقيقا مُفصلا عن كل مرحلة من هذه المراحل، ووصفا مجهريا عن كل مراحلها الأساسية، بشكل يتغيا تقديم نمذجة تطبيقية لكيفية بناء درس الاجتماعيات داخل الممارسة الفصلية.
يحاول الأستاذ عبد الرحيم الضاقية من خلال مبحث التنفيذ تحليل الدعامات الديداكتيكية المستعملة في بناء درس الاجتماعيات، من نصوص وخرائط وخطاطات وجداول وصور...مُقْدِما على تحليلها وقراءتها إما بشكل أيقوني أو بشكل تفكيكي، من أجل توظيفها ضمن أثر مادي مكتوب، يقوم بعملية تحويل ملفوظات أو صور إلى رموز مكتوبة أو مفهومة من طرف المنتج والمتلقي.
هكذا يصل عبد الرحيم الضاقية بالقارئ تدريجيا إلى ترويضه على تقبل فكرة أن الأثر المكتوب هو عملية opération تدخل ضمن متوالية عمليات مندمجة؛ يسعى درس الاجتماعيات إلى تحقيقها، ترتبط بممارسة المفهمة Conceptualisation عبر تشغيل عدد من العمليات العقلية والذهنية الضرورية لبناء المعرفة، كالتلخيص وإعادة التركيب وترتيب المعلومات وربطها وتصنيفها...وكلها عمليات منهجية تُكسب المتعلم القدرة على الهدم وإعادة البناء والتركيب من جديد.
من شأن الاهتمام بتقنية أخذ النقط بما هي إنتاجية معقدة ومركبة أن تستنفر عُدَّة مفاهيمية تاريخية وجغرافية، تضفي لمسة خاصة على درس الاجتماعيات...تُسهم في تطوير الكفايات اللغوية للمتعلمين، وتسهل عملية إعادة الكتابة وبناء الخطاب، بشكل يضمن استقلالية ووظيفية المٌتعلم بما يتساوق مع مرجعيات الإصلاح البيداغوجي.
سؤال التجديد الديداكتيكي الذي يقترحه الأستاذ عبد الرحيم الضاقية ينطلق من فرضية أن درس الاجتماعيات إطار حاضن للانشغالات والتساؤلات والإشكالات المنهجية والمعرفية والأطر النظرية والابستمولوجية، التي تحيط بمعرفة الزمن والمجال والمصير، وتجعله موضوعا للتعليم والتعلم، ضمن وضعية مُقايضة وتبادل معرفي تتم بين المُدرس والمتعلم سواء بسواء، تتيح مساحات واسعة من حرية إبراز ذاتية المتلقي، وتلغي الاستيلاب، وذوبان ذاتية المتعلم في ذاتية الأستاذ.
وعليه، تأتي تقنية أخد النقط كاختيار استراتيجي لدى الأستاذ عبد الرحيم الضاقية لتجويد انجازات الممارسة الفصلية والارتقاء بها نحو الحِرفية، بشكل ينسجم أفقيا مع الوثائق المؤسسة لفلسفة الإصلاح البيداغوجي، وعموديا مع ضرورة تخليص التعليم من تطرف المقاربات المعرفية الاستعراضية، من خلال امتلاك المتعلم لمهارات معينة، يتم الاشتغال عليها في وضعيات محددة، تدعم بالنهاية استقلاليته الوظيفية، وتكسبه كفايات وقدرات ممتدة ومستعرضة قادرة على تعزيز تعلمه الذاتي.
يفصل الأستاذ عبد الرحيم الضاقية في الشروط التقنية الكفيلة بتنزيل تقنية أخد النقط من خلال: العناوين/ الترقيم/ تقديم التصميم/ اختزال المعطيات...كإواليات مندمجة لتقنية أخذ النقط، عبر تحديد أهداف واستراتيجيات واضحة، والاستعداد لأخذ النقط، من خلال فرز الثانوي عن الأساسي، وإعادة تركيب المعطيات تم عملية الاختزال، وترقيم العناصر والفقرات، وأخيرا التركيب الدينامي للوحدات، أي المتن المكتوب.
يُفرد الكتاب حيزا هاما للتفكير في المفاهيم كمَعالم أساسية لبناء درس الاجتماعيات، فهي عبارة عن هوية وشفرة ذهنية، كيانات أصبح يتم الاشتغال بها وعليها ضمن الدرس، تصور ذهني وتمثل عقلي لشيء أو حدث أو وضع معين، تساوقا مع التصور الجديد للمادة والنقاش الابستمولوجي الداخلي الذي جعل واضعي المنهاج يركزون على المقاربة المفاهيمية ضمن المرجعية الديداكتيكية .
الدراسات الديداكتيكية الحديثة عملت على اجتراح مفهوم التدريس بالمفاهيم، فالمفاهيم تقوم بعملية تشبيك للتفاصيل، وتقدمها على شكل رزم معرفية ومهارية تساعد على المقاربة النسقية، لأن من شأن التمكن من المفاهيم زيادة فعالية واكتساب وترسيخ المعطيات التاريخية والمجالية والحقوقية (مفهوم الديموقراطية/ مفهوم الاستعمار).
يُحلل الكتاب أنواع المفاهيم التي تهيكل درس الاجتماعيات، من حيث طبيعتها من قبيل المفاهيم الرابطة/ المفاهيم الفاصلة/المفاهيم العلائقية/ مفاهيم الأفكار الكبرى/مفاهيم ضمن شبكات...كما يستعرض المفاهيم المهيكلة لمادة التاريخ: كالزمن والمجال والمجتمع، وأيضا المفاهيم المهيكلة لمادة الجغرافيا كالمورفولوجيا والتوطين والحركة، ثم مفاهيم التربية على المواطنة مثل مفهوم المواطنة، حيث يعتبر التدريس بالمفاهيم من المقاربات المجددة في مجال تدريسية المواد باعتبارها من آليات تعزيز الكفايات المستعرضة لدى الفاعلين، وإن كان في العمق تبني مقاربة التدريس بالمفاهيم قد تتعارض مع مقاربة التاريخ الحدثي الكرنولوجي.
وبما أن الدرس التاريخي درس مفاهيمي بامتياز، والدرس الجغرافي عبارة عن رؤية نماذجية نسقية تتجاوز رؤية الجغرافيا الاقليمية التجزيئية نحو معانقة أنساق جامعة تجعل من درس الجغرافيا درس قضايا مجالية كبرى، فإن من شأن الاهتمام بالمفاهيم بما هي إحالات عقلية وذهنية القدرة على تجديد رؤيتنا لدرس الاجتماعيات، وجعله مفتوحا على اشكالات جديدة ووضعيات مغايرة.
القراءة النقدية للكتاب:
من بين القضايا الكبرى التي تتقاطع مع متن الكتاب على المستوى الابستمولوجي، والتي نلتقطها من إشارات صاحب جينيالوجيا المعرفة والسلطة مشيل فوكو في ما يخص بناء ذاكرة تاريخية وجغرافية، مؤسسة على فرضية الاشتغال بالمفهمة والأشكلة، قادرة على تحرير درس الاجتماعيات من الأَسْر الأنتربولوجي ، بناء يوكل إليه تحقيق مهام الحس التاريخي والجغرافي وصياغة نقدية تركيبية:
1- نقد النظر إلى درس الاجتماعيات كذاكرة mémoire،وبالتالي هدم الواقع وإعادة بنائه في براديغمات جديدة.
2- نقد النظر إلى درس الاجتماعيات كمسار منفصل ومتقطع، وبالتالي هدم فكرة الهوية الخالصة، والتخلص من ترسبات الذات والانتصار لها معرفيا.
3- نقد النظر إلى درس الاجتماعيات كمعرفة، وبالتالي هدم الحقيقة المطلقة.
من شأن الوعي بدرس الاجتماعيات بنوع من التحوير والانزياح تفتيت الموروث، وهدم التقليد حسب العروي ، إذ لا قيمة لأي فعل معرفي كان، إذا لم يكن فعلا نقديا تجاه الذات والعالم، فعل بقدر ما ينتقد المقاربات الدوغمائية، بقدر ما ينتقد المقاربات الاحتوائية، ويسعى الى جعل المعرفة مرتكزها الأساس هي الأشكلة والمفهمة في أفق التركيب.
إننا في مواجهة مُثلث مُكون من ثلاث قوى معبئة، تتطلب التسلح بفكر نقدي مزدوج، لفهم أزمة الهوية وأزمة السلطة، لترسيخ سؤال الجدوى وقيمة التفكير وضرورة التاريخ، من أجل تعويض رهان القوة بقوة الرهان.
في غياب المثال لا يعود ثمة معنى ذاتي للفعل، على المُدرس أن يقطع مع خطابات النزعات الاسكاتولوجية التي تتغنى بالنهايات، يتعين عليه إعادة بناء نقدية للمثال، تخلصه من سجون المُطلقات، وتحرره من كل تطابق مع الواقع، عليه أن يقوم كما يقول آلان باديو ب"فعل التثوير"، بما هو تغيير يطال بنيات تفكرينا وأنماط عيشنا، يتعلق الأمر باستعادة عشق الأفكار، ومديح اليوتوبيا، والحق في الممكن وفي الحلم.
المُدرس كما طائر الفينيق، يحترق يوميا لكي تولد من رحم رماده ثورة معرفة، ومفاهيم تستجلب لتفكيك الواقع، يموت لكي ينعم الاخرون بنعيم الأفكار.
لا يمكن أجرأة درس الاجتماعيات من دون استحضار عميق لتحولات البنى العامة، ضمن سياق ماكرومعرفي، أضحى المُدرس مجرد أجير له ملف مطلبي، من دون أن تكون له قاعدة فكرية يرسو عليها، يناضل من أجلها، بالأمس، كان المُدرس يتسربل بتلاوين متعددة من الشعر والأدب والسياسة والفن وما إلى ذلك، المدرسة أفقدت المتعلمين الحق في الحلم، الحق في الخيال، الحلم بالفكرة، الحلم بالتغيير، الحلم بالإنسان كشعار استراتيجي من أجل رقيه ونهضته وأنسنته، لم تعد المدرسة المغربية فضاء للحلم، بسبب استحكام المرجعية البراغماتية الليبرالية، التي تعتبر المدرسة ورشا للتشغيل.
مدرستنا الحالية التي تنعت ب "مدرسة النجاح" تعلم الحقد والكراهية، تلقن الجهل بالمجان كما يقول جاك أتالي، "كل مؤسسة تعيش صراعا من أجل البقاء فإنها تصبح مؤسسة تنتج البؤس" كما يقول نيتشه، مشروع مدرسة النجاح يشرعن الفشل الاجتماعي، إذ النجاح نجاح نخبوي، حيث الهاجس الأكبر هو الحصول على النقطة، تمجيد النقطة يصبح غاية وليس الإبداع والفكرة، يحرق التلميذ جواز سفره داخل المدرسة، يشعر بأنه منبوذ، لا يبني علاقة محبة مع ما يدرسه.
كل فشل دراسي هو بالضرورة منتج لليأس الاجتماعي، مُولد للهشاشة الاجتماعية، مدرستنا بالأمس كانت رافدا للتجويد والارتقاء الاجتماعي، اليوم لم تعد تنتج إمكانية الحق في الحلم، انسحبت من الفضاء العام، صارت جزيرة معزولة، فقدت جذورها التي تربطها بالمجتمع، أصبحت تنتج مواطنا يحمل قيم الكراهية والحقد والغش .
درس الاجتماعيات الحقوقي ظل خطابا شعاراتيا لم يترسخ في البنيات الاجتماعية، لم يتم التقعير له في باقي البنيات الموازية،، التربية على حقوق الانسان تمرين يومي وبناء مستمر، يبدأ من البيت وينتقل إلى باقي الفضاءات، ينضج مع وجود جدال عمومي، وبنية حاضنة تقبل المعارضة والاحتجاج.
درس الاجتماعيات هو تجذير للتربية على المواطنة والقيم، فضاء رحب لترسيخ المواطن، وليس مجرد معارف ومتن مستعرض، درس يعتبر الحقوق مسكنا للإنسانية وليس مبنى يتساوق مع خطابات قد تغيب عنها الإرادة.
يجب أن يناضل درس الاجتماعيات يوميا من أجل عودة الثقافة إلى المدرسة، من أجل تحرير المدرسة من النزعة الداروينية المتوحشة، يجب أن يُوطن الوعي التاريخي والجغرافي كإواليات لبناء المشروع المجتمعي، درس ينتعش حيث يسود الجدال والنقد وفكر المغايرة.
استراتيجية النقد هي الرهان الأكبر لتجذير ديداكتيك الاجتماعيات، عبر المساءلة الدائمة، والتحليل المتعدد، عبر ممارسة التعليل والسجال والمناقشة، فالتاريخ مثلا قد يخسر وظيفته إذا لم يكن درسا للحياة وموطنا لاستقبال الحفاوة وكرم الضيافة.
بدوره تخلى مُدرس اليوم عن الأسئلة الكبرى، عن الانشغالات الحارقة، عن قضايا المعذبين والمهمشين، صار بلا بوصلة وأفق فكري وبلا تطلع، تحول التعليم إلى حرفة، إلى مورد رزق، لم يعد قضية انسانية، لم يعد غاية في حد ذاته، وربما هذا ما جعلنا نخسر الرهان الفكري والسياسي والمجتمعي لمجتمع لم يبلور بعد مشروعه المجتمعي.
مُدرس الاجتماعيات عليه أن يكون مُنقذا بالمعنى العميق للكلمة، عوض أن يرمي به جحيم الضحية أو جحيم الجلاد التي صنعها كيمياء المخيال الاجتماعي عنه، وضعية المُصحح والمراقب والعدو الذي يُرسب الأبناء، فهو إما جلاد وإما ضحية، وكلاهما صورتان مأساويتان لا تليقان بوضع المُدرس المنقذ والرسول.
صحيح أن الواقع التربوي سلطة قائمة في حد ذاته، قد تعلو فوق كل السلط الأخرى، تتعالى عن كل محاولة لنمذجة التعلمات في قالب موحد، واقع مُغلق من فرط واقعيته حسب جون بودريار، يسخر من نفسه، يتحول إلى سراب وهم جذري، إلى استراتيجية افتراضية، من هنا تأتي مأساة المُدرسين في الإحاطة بعالم متغير ومتحول، في الإحاطة بعالم ما فوق الواقع، الذي حوَّل حياة الانسانية من صورة نقلا عن صورة نقلا عن صورة.
المدرسة في عصر العولمة تتجاذبها رهانات صعبة، لم تعد المعرفة رغبة انسانية تمتح مجدها من إفراز نخبة تحمل على عاتقها تغيير الأفق الانساني (المعرفة كأنسنة للعالم)، بل أصبحت مهووسة بالصراع من أجل الهيمنة؛ ربط المعرفة بالمنفعة حولها إلى أداة لإشباع حاجات، لم تعد المدرسة وحدها موطنا للمعرفة والتعلم، أصبحت سلطتها مُصادرة من طرف الأغورا الميديائية الافتراضية، التي خلقت وعيا جديدا، صار يسحب البساط من سلطة المدرسين.
لربما أهمل التعليم المغربي أن يكون المغربي إنسانا، أهمل تكوين الانسان، تكوين العقل والوجدان، خلق تصالح مع الحياة، خلق مناعة ذاتية داخلية من كل الانزلاقات التي تطفح على المشهد الانساني .
الهوية والذات والذاكرة والمواطنة بناءات مستمرة، وبما أن مهمة درس الاجتماعيات هي تفكيكية بالأساس، تسعى إلى فهم وتفكيك انطولوجيا الحاضر انطلاقا من الماضي، فإن درس الاجتماعيات عليه أن يخوض يوميا صراعا حيويا من أجل الوضوح، في عالم مليء بجروح العولمة، ضمن حاضر ليس على ما يرام حسب إفادة جاك دريدا ، كل معرفة هي بالأساس معرفة مركبة، ينبغي النظر إليها في كليتها.
على سبيل الختم:
الكتاب اغناء للمكتبة التربوية المغربية عموما، ولديداكتيك الاجتماعيات على الخصوص، إضافة مُجددة بنَفس نقدي لا يخلو من خلفية ابستمولوجية رصينة؛ ودُربة ميدانية مديدة من التجريب والاختبار؛ سفر دؤوب في رحاب درس الاجتماعيات في مختلف مراحل نموه، من رحم التخطيط إلى ولادة الأثر المكتوب والتقويم، بحث في طرائق التجديد والتحيين، وتفجير لأسئلة كبرى تظل على هامش النسيان.
صخب معرفي وعملي ينشد موقعة المادة ضمن الهندسة البيداغوجية العامة لقطاع التربية والتكوين، ضمن مشروع مجتمعي يرتكز على بناء وصناعة الإنسان المواطن، مواطن الغد، المتعدد الخلفيات والاستعدادات، ذو الخلفية التاريخية المتصالحة مع الذاكرة، ذو الارتباط المجالي.
الأكيد أن الارتقاء بدرس الاجتماعيات، والانتقال به نحو الحِرفية يمر عبر تطوير كفايات مستعرضة قادرة على السير به في اتجاهات متعددة، من مرحلة التخطيط واعداد السيناريو الديداكتيكي، نحو مرحلة التنفيذ العملي، انتهاء بمرحلة التقويم...ولئن بدا الواقع يتسم بنوع من العناد والصلابة، واختلاف الوضعيات التربوية من فضاء لآخر، فإن ذلك لا يلغي بالمرة استحضار الفاعلية البشرية في عدم حتميتها، وفي جعل ميدان التربية والديداكتيك ميدانا للتجريب والممكن.
قد نساير النظريات البيداغوجية في القول أن بنية القسم بنية مركبة ومعقدة، تنفلت من كل محاولة تسييج ضمن براديغمات تربوية مُنمذجة، تتمرد على كل الإيقاعات والوصفات التجريبية، بحكم تعقد المتغيرات والتبادلات التي تتم داخل عناصر المثلث الديداكتيكي وحتى خارجه، إلا أن عملية الاستئناس بهذه المعطيات والنتف المنهجية واستثمارها كمنطلقات للتعامل الآني والاشكالي مع ميكروفيزياء الممارسة يبقى مطلبا حيويا لإقامة مصالحة مع مستجدات العقل التربوي وبناء درس اجتماعي نقدي ومفاهيمي منفتح باستمرار على حاجيات الواقع ومتطلباته.
كتاب درس الاجتماعيات من التخطيطي إلى التنفيذ رحلة تنقل في مسارات متشعبة ومتشابكة، تجربة درس معاش في الحياة، حياة مُؤطر تربوي سكنته الأسئلة الكبرى، وشغلته على مدار أكثر من عقدين، تفكير في المادة، سواء في بنيتها الداخلية، أو حتى بنيتها الخارجية، مخاض متواصل بين عمق نظري يرتوي من معين المرجعيات الكبرى، ويبتغي التقعيد والتأصيل، وتطلع تطبيقي يحاول أن ينمذج الوضعيات التعليمية التعلمية في قالب اجرائي عملي، في مدار يظل ملتصقا بالواقع التربوي وهمومه، ومفجرا لجذوة السؤال كخيار استراتيجي لممارسة فعل الاجتماعيات.
الخيارات التربوية البديلة يجب أن تركز على ثلاث موجهات أساسية: الإدراك/ الإحساس/ الذكاء، هذه الموجهات تجب أن تكتمل بأربع مبادئ أساسية: الحلم/ الرؤية/ الإبداع والاجتماعية Sociabilité، في مناخ سياسي يجب أن يوفر حد أدنى من الديموقراطية الحقيقية لا التمثيلية، ومناخ اقتصادي قادر على بناء العدالة الاجتماعية.
الخيار التربوي المغاير الذي يجب أن نتجند من أجله هو ذاك الذي ينقلنا من مدرسة حارسة الطرائد gardien de chasse نحو المدرسة البستانية école jardinière، أو مدرسة الكوتشنيغ بتعبير جان زغلير، المدرسة البستانية التي تسقي الجميع بلا استثناء، أن ننتقل من مدرسة البقاء إلى مدرسة نظام الحياة...درس الاجتماعيات اليوم يستدعي وقفة تأمل مع الذات، مُدارسة جريئة للخيارات التربوية الكبرى، إعادة النظر في رهانات الألفية الجديدة، بما يتساوق مع المتغيرات الماكرومعرفية الحادثة في فضاءات المعرفة، وإواليات المشروع المجتمعي المفتوح باستمرار، ضمن سياق شديد التحول والانعطاف، يشهد الجميع على دراميته في إنتاج اللامعنى الوجودي، في لجم نزوعات التطرف والاستقواء والمعاندة، في زمن الانهيار الناسف للمعنى والأخلاق.
عدا ذلك، كل فشل تربوي يقود بالنهاية نحو تنضيد استراتيجية اليأس الاجتماعي، نحو توليد الهشاشة الاجتماعية وتعميق الإحساس بالفوارق...المدرسة المغربية ومن خلالها درس الاجتماعيات لم يعودا فضاء للحلم، الحلم بالتغيير، الحلم من خارج النسق، من خارج الصندوق... انسحبا من الفضاء العام، صارا فضاء باردا متجمدا، جزيرة معزولة عن القضايا الكبرى، أو حتى الاقتراب من القضايا الفكرية الحارقة.
مسرد بيبليوغرافي:
1- محمد التهامي الحراق، أزمة المعنى وسؤال الدين، مجلة افكار، العدد 19،اكتوبر، 2017.
2- هربرت ماركوز، الانسان ذو البعد الواحد، ترجمة جورج طرابيشي، منشورات دار الآداب، الطبعة الثالثة، 1988.
3- جاك دريدا، الاستنزافات، لوحة عن عالم بدون ملامح، دار الجمل، 2005.
4- عزيز لزرق، الدين والسياسة، الدعوة والثورة، دفاتر وجهات نظر، الطبعة الأولى، 2015.
5- مشيل فوكو، جينيالوجيا المعرفة والسلطة، المركز الثقافي العربي، 1998.
6- عبد الله العروي، الحرية والتاريخ، العدد 6-7، 1999.
7- إدغار موران، تربية المستقبل، المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل، ترجمة عزيز لزرق ومحمد منير الحجوجي، دار توبقال للنشر، منشورات اليونسكو، الطبعة الأولى، 2002.
8- عبد الرحيم الضاقية، درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ، مؤسسة افاق، الطبعة الأولى، 2017.
9- مولاي عبد الحكيم الزاوي، المدرسة المغربية ولعبة الاختيارات التربوية الكبرى، جريدة هسبريس، 4 أبريل 2019.
- 9Miguel Benasayag, Edith Charlton, Critique du Bonheur, La découverte, 2016.