ذ/ عبد الغني لزرك////////////
يعتبر الباحث عبد الرحيم الضاقية من الباحثين القلائل الذين يسبرون أغوار التأليف والإنتاج في المجال التربوي بشكل عام، وفي مادة الاجتماعيات بشكل خاص، حيث نجد أن مجمل إنتاجاته تصب ومنكبة في مجال الإجتماعيات ، أي أنها مفيدة وصالحة لمدرس/ة المادة سواء في السلك الإبتدائي أو الإعدادي أو الثانوي التأهيلي.
تركت الدراسات السابقة لهذا الباحث صدى طيب لدى كل المدرسين والمدرسات خاصة في جهة مراكش أسفي،نظرا لعمل الباحث في مجال التفتيش هناك،خاصة في مديرية أسفي واليوسفية، وللباحث عدة إصدارات نذكر منها " الجودة في التعليم والتكوين" " التدريس بالمجزوءات" " بناء درس الاجتماعيات" " مكونات الفعل التربوي (تلميذ ـ مدرس ـ معرفة)" " أدوات عمل المدرس (ة)، مساهمة في تمهين فعل التعليم والتعلم" " المدرسة المغربية وسؤال التواصل" " الحياة المدرسية: من تدبير الزمن إلى بناء المشروع" " مسارات إصلاح المدرسة دراسة مفاهيمية نقدية"، إضافة إلى مساهماته بمقالات في جرائد ومجلات.
جاء هذا الكتاب الجديد الصادر سنة 2017 بعنوان " درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ" المكون من 278 صفحة، يبدأ بإهداء وشكر وتقديم، وخمس فصول، حيث تناول في الفصل الأول تخطيط درس الاجتماعيات في المستويات الثلاث (إبتدائي ، إعدادي، ثانوي)، وفي الفصل الثاني التنفيذ العملي لدرس الاجتماعيات، أما في الفصل الثالث فقد خصصه الباحث تقويم درس الاجتماعيات، والفصل الرابع عنونه بآليات منهجية في يد أستاذ/ة الاجتماعيات، وفي الفصل الخامس والأخير عنونه الباحث بعنوان مفتوح في سبيل الختم.
في البداية يتضح أن هذه الدراسة الجديدة يمكن أن نقول أنها امتداد وتكملة لمشروع المؤلف الذي شرع فيه منذ سنة 2006، بمؤلفه " بناء درس الاجتماعيات (إبتدائي، إعدادي، تأهيلي)،إلى الآن أي سنة 2017 " درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ" لكن السؤال المطروح هو الحيز الزمني، أي غياب الباحث ما ينيف 11 سنة، لماذا غاب هذه المدة كاملة في نفس المشروع؟ لاننكر أن الباحث حاضر بقوة في التأليف التربوي ولقاءاته الإذاعية والتلفزيونية وإسهاماته بمقالات عديدة ومتنوعة في العديد من المواقع الإلكترونية والجرائد الورقية، لكن في مشروع الاجتماعيات غاب منذ 2006، هل هي نظرة تأمل المؤلف أو المشاريع الاصلاحية التي تتغير من حين لآخر، جعلته يقف هذه المدة، حتى تتضح الرؤى، سؤال عريض لايمكن أن يجب عليه إلا المؤلف نفسه.
علي أي هذه الدراسة " درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ يمكن القول أنها دراسة إجرائية تطبيقية فعلية في الممارسة الميدانية، تأتي من خلال تراكم زخم كبير من التجربة راكمه المؤلف سواء حين كان مدرسا داخل الفصل أو خلال عمله في التفتيش (الإرشاد والتأطير)،أي أنها شق تطبيقي، فالكتاب الأول الصادر سنة 2006 كان دراسة نظرية تناول فيها الباحث الجانب النظري، انطلاقا من قراءة أولية في منهاج الاجتماعيات، والتمثلات المجالية ووضعية الانطلاق، ثم كيفية بناء درس الاجتماعيات وفق المنظور الجديد (الكفايات)، رابطا في الوقت نفسه زلزال الحسيمة بمادة التربية على المواطنة، والمجال وتطويره بمادة الجغرافيا، والمواطنة بدرس التاريخ.
تأتي هذه الدراسة المعنونة كما أسلفنا الذكر ب"درس الاجتماعيات من التخطيط إلى التنفيذ"، لسد الثغرة في المجال التطبيقي، فبعد ماتعرف القارئ على العموم ومدرس/ة الاجتماعيات على الخصوص على الشق النظري في كيفية تدريس مادة الاجتماعيات (إبتدائي/إعدادي/ ثانوي) من نفس الباحث، جاء بهذا الإنتاج الجديد ليتناول الجانب التطبيقي أو العملي في الحياة المهنية العملية لمدرس/ة الاجتماعيات انطلاقا من التخطيط خارج الفصل والتنفيذ داخله.
بدأ الباحث منذ الوهلة الأولى بتبيان صعوبة النقل الديداكتيكي، لدرس الاجتماعيات من المعرفة العالمة إلى المعرفة المدرسة، أي من الأفكار والنظريات إلى أفعال وممارسات، لأن الانتقال اعتبره المؤلف تحدي دائم داخل الفصول لمدرسين ومدرسات المادة،مع المتعلمين والمتعلمات في المواد الثلاث ( الجغرافيا ـ التاريخ ـ التربية على المواطنة)، ثم يمكن القول أن هذا الكتاب جاء كرد فعل مؤسس، بعدما كان ينظر الكل للمادة على أنها مادة للحفظ والاستظهار وإعادة المتعلم والمتعلمة كل ماقاله المدرس/ة داخل الفصل سواء في المراقبة المستمرة أو الاختبارات الاشهادية، كفعل ببغائي من طرف المتعلمين، في غياب الإبداع والإنتاج الجديد،الشيء الذي سبب نفورا واستياء من المادة ومن الذين يدرسونها.
ويمكن اعتبار هذه الدراسة كما قال الباحث كمحاولة لإعادة رد الاعتبار للممارسة الديداكتيكية في مادة الاجتماعيات وفق المنظور الجديد منظور التدريس بالكفايات التي تدور رحاها في ثلاثية دائرية مدرس/ة ـ متعلم/ة ـ معرفة مدرسة، تعتمد على الحوار العمودي والأفقي في الآن نفسه ولعب المدرس/ة دور المنشط الإيجابي الفعال داخل الفصل والزعيم الروحي لجماعة القسم.
فهذه الدراسة كما أسلفنا قوله شملت كل مايتعلق بالفعل الإجرائي داخل الفصل سواء في الإبتدائي أو الإعدادي أو الثانوي التأهيلي،وعدة المدرس/ة من دفتر النصوص، وجذاذة وشبكة تتبع مسار المتعلم/ة والمذكرة اليومية وأوراق التنقيط، ثم عدة التقويم (التشخيصي، المرحلي، الإجمالي) وفروض المراقبة المستمرة والامتحانات الاشهادية، أي كل الوثائق المتعلقة بمدرس /ة الاجتماعيات، واضعا الباحث في الوقت نفسه بعض الأدوات المنهجية التي يجب أن يتصف بها مدرس/ة المادة، ثم طريقة تقسيم السبورة سواء السوداء أو البيضاء أو التفاعلية، وكيفية التعامل مع الدعامات أو الأسناد في درس الاجتماعيات ومعالجتها وفق معرفة تعليمية مدرسية مبسطة يسهل تلقيها وفهمها من طرف المتعلم/ة.
وختاما يمكن القول أن هذه الدراسة أماطت اللثام وأنارت الظلام الذي ظل يسود مادة الاجتماعيات، وكيفية تدريسها والإجابة على كل أسئلة الكثيرين الذين ينظروا على أنها مادة للحفظ ليس إلا، وتغيير نظرتهم/ن النمطية حول المادة وحول الذين يدرسونها ويسهرون عليها..........