عبد الرحيم
الضاقية
احتضنت دار الثقافة محمد خير الدين بمدينة
تيزنيت ندوة علمية حول أنظمة السقي التقليدي بالجنوب المغربي يوم السبت 19 مارس
2016 بشراكة مع المجلس الإقليمي وبدعم من المجلس البلدي بالمدينة. الندوة
من إعداد وتنظيم “مركز أكلو للبحث والتوثيق” وقد استطاعت أن تقارب موضوع السقي
التقليدي، عبر تاريخ الجنوب المغربي، في علاقته بالمجال والمجتمع، وبأشكال وأساليب
وتقنيات التدبير، من الجوانب التاريخية والجغرافية والتقنية والقانونية
والأنثربولوجية. حيث ساهم فيها ثلة من الأساتذة الجامعيين والباحثين من مختلف
التخصصات. كما عرفت مشاركة وازنة لخريجي ماستر “الماء في تاريخ المغرب” من شعبة
التاريخ والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض بمراكش.
وقد انطلقت الجلسة العلمية الصباحية برئاسة ذ.محمد الحاتمي شملت مجموعة من
المداخلات بمحاور مختلفة )
جغرافية ، تاريخية، تقنية وقانونية)، فالمحور الأول تضمن مداخلتان: الأولى بعنوان "مافامان
في تاريخ الجنوب المغربي" ل ذ. مسكيت محمد، أشار فيها إلى دور الباحث عن
المياه الباطنية في رسم المجال الجغرافي والاجتماعي في جنوب المغرب، بحيث خلص إلى
أن طرق استنباط المياه ليست ممارسات سحرية بل كانت نتيجة تجربة راكمها الباحثون عن
المياه. أما المداخلة الثانية فكانت للدكتور شفيق أرفاك عنونها ب: ثنائية الأرض
والماء في واحة تامانارت" أوضح فيها حضور ثنائية الأرض والماء في المجتمع
الواحي سيما منطقة تامانارت الواقعة بنواحي مدينة تيزنيت.
أما المحور الثاني فحمل طابعا تقنيا من خلال
الإلمام بالأدوات والتقنيات التي ابتدعها الإنسان السوسي لاستغلال مجاله. فالأستاذ
حسن إد وعزيز عالج "جوانب من تاريخ تقنيات تدبير المياه بتاليوين" من
خلال الإشارة إلى حضور تقنيات تجميع المياه كالخطارة والمطفية التي هي ذات طابع
محلي، وتقنيات التوزيع التي يرتبط فيها الماء بالتوزيع الطبوغرافي للقطع الأرضية.
وفي مداخلة أخرى للأستاذ إبراهيم أوبلا عرض فيها "إكراهات الزيادة في الحصص
الزمنية للعين، نموذج عين أفرا "طاطا" و أثار فيها بعض صعوبات توزيع
الحصص المائية للعين.
أما المحور القانوني افتتح بمداخلة للدكتور
أحمد إد الفقيه حول التأصيل الشرعي والتطبيق العرفي لقاعدة الأولوية للأعلى على
الأسفل في السقي" حاول من خلالها إيضاح التكامل بين ثنائيتي الشرع والعرف في
تدبير نزاع السقي سيما بين العالية والسافلة. وبعد المناقشة اختتمت الفترة
الصباحية .
وفي المساء استؤنفت الجلسة العلمية برئاسة
ذ.خالد ألعيوض افتتحها ذ.الخطير أبو القاسم أفولاي بمداخلة حول "حقوق المياه
وأنظمة تدبير السقي بالأطلس الصغير الأوسط"، تطرق فيها إلى حق الأفراد
والجماعات في تملك المياه وأنظمة توزيعها بمنطقة الأطلس الصغير الأوسط. وتلتها
مساهمة د. مبارك لمين الموسومة ب"نوازل السقي بأكلو نازلة العوينة وأكلو
نموذجا" تطرق فيها إلى مدى حضور تيمة الماء ضمن النوازل السوسية، وخصص حيزا
كبيرا لنازلة العوينة وأكلو التي استأثرت باهتمام كبير من لدن فقهاء سوس.
وفي الأخير اشتمل المحور الأنتربولوجي على
ثلاث مداخلات مست البعد اللامادي للمياه.فالمداخلة الأولى للأستاذة فاطمة فائز
حول" ثقافة الماء في الجنوب المغربي والأدوار"، استحضرت فيها مدى أهمية
الماء في ثقافة المجتمع السوسي من خلال ذكر بعض الطقوس والممارسات. أما المداخلة
الثانية لصاحبها ذ. الحسين أيت باحسين حول "الأساطير المؤسسة للموارد المائية
واستغلالها )عيون تيزنيت نموذجا("، بين فيها علاقة سكان
تيزنيت بالموارد المائية، واستدل على ذلك بمجموعة من المنابع المائية التي تحمل
أسماء أسطورية تجعل الناس يقدسونها تيمنا بأصحابها.
واختتم المحور الأخير بمساهمة للأستاذ علي
الزهيم تحمل عنوان " النزوع التصويري للماء في الشعر الأمازيغي" أثار من
خلالها مدى حضور الماء ضمن أشعار الفنانين الأمازيغ، وذلك باستدراج قصائد شعرية
تجسد تقديس الإنسان الأمازيغي عامة والسوسي على وجه الخصوص للماء. وبعد مناقشة
محاور الفترة المسائية اختتمت أشغال الندوة .